مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وَلِهَذَا جَمَعَ النَّبيُّ ﷺ بَيْنَ مَحْق ِالتَّمَاثِيْل ِ، وَتَسْوِيةِ القبوْرِ المشْرِفةِ، إذْ كانَ بكليْهمَا يتوَسَّلُ بعِبَادَةِ البَشَرِ إلىَ اللهِ، قالَ أَبوْ الهيّاجِ الأَسَدِيُّ: قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: «أَلا أَبْعَثُك َ عَلى مَا بَعَثنِي عَليْهِ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ؟ أَلا َّ تدَعَ تِمْثالا ً إلا َّ طمَسْتهُ، وَلا قبْرًا مُشْرِفا إلا َّ سَوَّيته»، رَوَاهُ الجمَاعَة ُ إلا َّ البُخارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ [حم (١/ ١٢٩، ٨٩) م (٩٦٩) د (٣٢١٨) ت (١٠٤٩) ن (٢٠٣١)]) اه.
وَقالَ أَيْضًا ﵀ ُفي «شَرْحِ العُمْدَةِ» (٢/ ٤٥٠ - ٤٥١): (وَأَمّا مَنْ يُصَلي عِنْدَ القبْرِ اتفاقا مِنْ غيْرِ أَنْ يَقصِدَهُ: فلا يَجُوْزُ أَيضًا، كمَا لا يَجُوْزُ السُّجُوْدُ بَيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ وَالنارِ وَغيْرِ ذلِك َ مِمّا يُعْبَدُ مِنْ دُوْن ِ اللهِ، لِمَا فِيْهِ مِنَ التَّشبهِ بعُبّادِ الأَوْثان ِ، وَفتْحِ بَابِ الصَّلاةِ عِنْدَهَا، وَاتهَامِ مَنْ يَرَاهُ أَنهُ قصَدَ الصَّلاة َ عِنْدَهَا.
وَلأَنَّ ذلِك َ مَظِنَّة ُ تِلك َ المفسَدَةِ، فعُلقَ الحكمُ بهَا، لأَنَّ الحِكمَة َ قدْ لا تَنْضَبط ُ، وَلأَنَّ في ذلِك َ حَسْمًا لِهَذِهِ المادَّةِ، وَتَحْقِيْقَ الإخْلاص ِ وَالتَّوْحِيْدِ، وَزَجْرًا لِلنُّفوْس ِ أَنْ تتعَرَّضَ لها بعِبَادَةٍ، وَتَقبيْحًا لِحَال ِ مَنْ يَفعَلُ ذلِك َ، وَلِهَذَا نهَى النَّبيُّ ﷺ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ طلوْعِ الشَّمْس ِ، لأَنَّ الكفارَ يسْجُدُوْنَ لِلشَّمْس ِحِيْنَئِذٍ).
ثمَّ قالَ ﵀ ُ (٢/ ٤٥٢ - ٤٥٣): (فهَذِهِ هِيَ العِلة ُ المقصُوْدَة ُ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ في النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ، وَاتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ، لِمَنْ تَأَمَّلَ الأَحَادِيْثَ وَنظرَ فِيْهَا، وَقدْ نصَّ الشّارِعُ عَلى هَذِهِ العِلةِ كمَا تقدَّم.
1 / 34