مكفرات الذنوب والخطايا وأسباب المغفرة من الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الخلائقَ الجنةَ حين خلقها، ونظروا إلى ما فيها من النعيم لما تخلف عنها أحد، ولما هنّاهم العيش في هذه الدار المنغصة، المشوب نعيمها بألمها، وسرورها بترحها.
وسميت الجنة جنة عدن، لأن أهلها مقيمون فيها، لا يخرجون منها أبدًا، ولا يبغون عنها حولًا، ذلك الثواب الجزيل، والأجر الجميل، الفوز العظيم، الذي لا فوز مثله، فهذا الثواب الأخروي.
وأما الثواب الدنيوي لهذه التجارة، فذكره بقوله: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا﴾ أي: ويحصل لكم خصلة أخرى تحبونها، وهي: ﴿نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ﴾ [لكم] على الأعداء، يحصل به العزّ والفرح، ﴿وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ تتسع به دائرة الإسلام، ويحصل به الرزق الواسع، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين، وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد، [إذا قام غيرهم بالجهاد]، فلم يُؤيِّسهم اللَّه تعالى من فضله وإحسانه، بل قال: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: بالثواب العاجل والآجل، كل على حسب إيمانه، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل اللَّه، كما قال النبي ﷺ: «إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله» (١).
٢ - قال اللَّه ﷿: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي
_________
(١) تيسير الكريم الرحمن، ص ١٠١٤ - ١٠١٥، والحديث أخرجه مسلم، برقم ١٨٨٤، ويأتي تخريجه ص ١١٢.
1 / 29