الإلحاد والظلم في المسجد الحرام بين الإرادة والتنفيذ
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة. (١٤١٨/١٤١٩هـ) / (١٩٩٨
سنة النشر
١٩٩٩م
تصانيف
الواجب بانتهاك حرمته، وتعقب هذا المبحث بأن تعظيم الله آكد من تعظيم الحرم، ومع ذلك من همَّ بمعصيته لا يؤاخذه، فكيف يؤاخذ بما دونه؟!
ويمكن أن يجاب عن هذا بأن إنتهاك حرمة الحرم بالمعصية تستلزم إنتهاك حرمة الله، لأن تعظيم الحرم من تعظيم الله، فصارت المعصية في الحرم أشد من المعصية في غيره، وإن اشترك الجميع في ترك تعظيم الله تعالى.
نعم، من همَّ بالمعصية قاصدًا الإستخفاف بالحرم عصى، ومن همَّ بمعصية الله قاصدًا الإستخفاف بالله كفر، وإنما المعفو عنه، من همَّ بمعصية ذاهلًا عن قصد الإستخفاف١.
٥ - العزم: أو العزيمة، في اللغة: عبارة عن الإرادة المؤكدة.
قال القرطبي عند تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ﴾ [القلم/١٧-١٨]، في هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان، لأنهم عزموا على أن يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم٢.
وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار"، قيل: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟!، قال: "إنَّه كان حريصًا على قتل صاحبه" ٣، فعلل بالحرص.
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: لمّا نزلت على رسول الله ﷺ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ .
_________
١ انظر كتابه فتح الباري (١١/٣٢٨) .
٢ انظر تفسيره (٢٨/٢٤١) .
٣ أخرجه البخاري في صحيحه في الإيمان باب: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ...﴾ حديث رقم (٣١)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما (١٤/٢٨٨٨) .
1 / 163