آثار ابن باديس
محقق
عمار طالبي
الناشر
دار ومكتبة الشركة الجزائرية
رقم الإصدار
الأولى عام ١٣٨٨ هـ
سنة النشر
١٩٦٨ ميلادية
تصانيف
تقسيم:
الأمراض الإنسانية قسمان أمراض أرواح وأمراض أبدان، وكلاهما أنواع. وأمراض الأرواح المقصودة بالذات هنا ترجع إلى نوعين: مرض العقول ومرض النفوس، فالأول بجمود النظر وفساد الإدراك وتقليد الآباء واعتقاد الباطل والشك في الحق. والثاني بفساد الأخلاق وانحطاط الصفات. أما الأعمال فهي تابعة لهما فتصلح بصلاحهما وتفسد بفسادهما، والقرآن قد جاء داعيًا إلى النظر والتفكر والإعتبار والتدبر، مبينًا- بما ساق من حجج الله وحجج رسله- الطريق الأقوم في الإدراك الصحيح. والسبيل الأشد في الفهم والتفهيم ناعيًا على المقلدين تقليدهم، كاشفًا لأهل الباطل عن باطلهم، ذاكرًا من قواطع البراهين البينة الواضحة ما لا يبقى معه خفاء في الحق ولا ريب. وجاء أيضًا مبينًا للأخلاق الفاسدة وذاكرًا سوء أثرها وقبح مغبتها، مبينًا كذلك الأخلاق الصحيحة وعظيم نفعها وحسن عاقبتها فهذا شفاؤه للنفوس والعقول. وهو راجع إلى تصحيح العقائد وتقويم الأخلاق وبهما سلامة الأرواح وكمالها وعليهما قوام الهيئة الإجتماعية وانتظامها. على أن القرآن هو شفاء للإجتماع البشري كما هو شفاء لأفراده فقد شرع من أصول العدل وقواعد العمران ونظم التعامل وسياسة الناس ما فيه العلاج والدواء الشافي لأمراض المجتمع الأنساني مع جميع أمراضه وعلله. شفاء العقائد والأخلاق- وهما أساس الأعمال- والمجتمع. هذه الثلاثة لا تكاد تخلو آيات القرآن من معالجتها وبيان ما هو شفاء لها. ولا شفاء لها إلا بالقرآن- وبيان النبي راجع إلى القرآن- ومن طلب شفاءها في غير القرآن فإنه لا يزيدها إلا مرضًا، فهذه الأمم الغربية بسجونها ومشانقها ومحاكمها وقوتها قد إمتلأت بالجنايات والفضائح المنكرة التي تقشعر منها الأبدان، وهذه الممالك الإسلامية التي تقيم الحدود القرآنية
1 / 330