آثار ابن باديس
محقق
عمار طالبي
الناشر
دار ومكتبة الشركة الجزائرية
رقم الإصدار
الأولى عام ١٣٨٨ هـ
سنة النشر
١٩٦٨ ميلادية
تصانيف
٣ - قد علم الله حاجة عباده إلى التذكير، فاصطفى منهم رجالًا أنعم عليهم بكمال الفكرة ووقاية العصمة، وأرسلهم لتذكير العباد ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١)﴾، ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢)﴾.
فالأنبياء والمرسلون- عليهم الصلاة والسلام- هم أولو هذا المقام الجليل، مقام التذكير. ثم من بعدهم ورثتهم من العلماء العاملين.
٤ - قد كان النبي- ﵌ على سنَّة إخوانه من الأنبياء والمرسلين- عليهم الصلاة والسلام- في القيام بتذكير العباد متمثلًا أمر ربه- تعالى- له بقوله: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (٣)﴾.
إذ السيطرة لا تكون على القلوب والإيمان- وهو من أعمال القلب- لا يكون بالإكراه وإنما يكون بذكر الحجج والأدلة، وكذلك كانت سنة المرسلين في الدعوة إلى الله كما قصَّها علينا القرآن الكريم في كثير من السور والآيات.
كان- ﵌ يذكرهم بقوله وعمله وهديه وسمته، وكان ذلك كله منه على وفق هداية القرآن وحكمه، وقد قالت عائشة الصديقة- رضوان الله عليها- لما سئلت عن خلقه- والخلق
(١) ٤/ ١٦٤ النساء. (٢) ٢٦/ ٢٠٨ الشعراء. (٣) ٨٨/ ٢١ الغاشية.
1 / 126