منهم صنف يغلب عليهم محبه الرياسة والامر، ويتفق إعراض الملك عنهم وانقباضه لمخالفة طبعه لطباعهم، أو لاشتغاله بلهوه ولذته ، فيدعوهم ذلك إلى إحداث الطعن على أحوال الملك وإهماله لضوابط الشريعة، ويؤلفون لهم بذلك جماعات، وربما كثر عددها، ويقصون عليهم من القصص ما يحركون به عزائمهم لتغيير المنكر ونصرة الحق، فان أهمل الملك أمرهم(1) عظم. وتفاخم، وكان منه خطر عظيم، وأكثر ما يطرا هذا البلاد العظام أو في الأطراف.
قال كسرى: قط ما تنازع(2) رئيس دنيا ورئيس دين، وتجاذبا وتنازعا على أمر إلا انتزع رئيس الدين ما في يد رئيس الدنيا، ومضت التجارب على ذلك.
وأقرب ما جرى في هذا المعنى، لما ظهر المهدي بالمغرب، وأظهر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ومعه طائفة يسيرة من الزهاد نحو العشرة، وكان لديه فضل وعلوم جمة ويقال إنه اشتغل على إمام الحرمين(، ودخل إلى بلاد المغرب على زي الزهاد بالمرقعة والعكاز، فلما اشتهر خبره بالأمر بالمعروف، وإراقة الشراب المسكر، والإنكار علم
صفحة ١٢٥