المامون(1) ثم المؤتمن(1)، واستحلف واكد في أيمان البيعه وأودع النسخ الكعبة، فلما مات الرشيد وجالس الأمين اقواما لا رأي لهم ولا صواب عندهم حسنوا له الغدر وأوقعوا بينه وبين أخيه حتى نفض العهد ورد البيعه إلى ولدو، فجنى تمرة بغيه وعاد مقتولا والقصة مشهورة.
ومن ذلك ما ذكره أهل التواريخ أن الخيشوار ملك الهياطلة لما أسر فيروز بن يذدجرد ملك الفرس وأراد إطلاقه منا عليه ورعاية لبيته، أخذ عليه العهد أن لا يغزوه ابدا ولا يقصده بسوء ولا يطرق بلاده بمكروه، وكانت في اقصى بلاده صخرة عظيمة شرط عليه أن لا يتعداها ولا يامر بذلك، فحلف له وأكد المواثيق فاطلقه، فحين عاد إلى بلاده ومملكته واستظهر بالعدد والعدد، حسن في نفسه الغدر، فاستشار اصحابه، فخوفوه الغدر وحذروه من عاقبته، وقال له المؤبذان: «إن رب العالم يغار من ذلك ولا يمهل» فابى وقال: أنا امر بقلع الصخرة وتجذبها العجل أمام العسكر، فلا يجاوزها أحد. ثم جمع العساكر وسار في مائة ألف عنان فلما قرب من الصخرة أمر بقلعها وجذبها بين يديه، وتوغل في بلاد الخيشوار، وعاثت العساكر فيها، وسار فيروز راكبا هواه حتى انتهى إلى الخيشوار، فخرج إليه في جماعه من عسكره، فحين اطل كل واحد منهما علي الاخر نزل الخيشوار عن فرسه وكشف رأسه وعفر خديه في الثرى)،
صفحة ٨٥