ينبغى للملوك أن تجالسها ولا تحاورها إلا في الشاذ النادر في بعض الأوقات والخلوات.
وينبغى للندماء ألا يتجاوزوا ما هم بصدده فلا يدخلون في الشفاعات وتقديم القصص والحديث في أمور المملكة والتعرض لأحد من أرباب الدولة إلا لمن أذن له الملك فى ذلك، فيكون قد رفع طبقته ومن تبسط هو بنفسه وشرع في أمور الملك فيصده الملك عن ذلك أو يشير إلى أمير مجلس يكفه ويامر الثدماء بالاقتصار على ما هم عليه، فان عقولهم وأقدارهم تصغر عن ذلك في أمر المملكة، وأضر ما على الملك أن يشتهر عنه أنه يسمع من حاشيته وبطانته الكلام في امرائه وأركان دولته، فان الناس إذا علموا ذلك أقبلوا عليهم بالإكرام والهدايا والتحف، فيميلون اراءهم إلى أغراضهم، فيصفون بالكفاية من كان عاجزا، وبالشجاعة من كان جبانا، وما أشبه ذلك لأن كل فن لا يعرفه إلا الماهر فيه الخبير بفنونه، فيكررون ذلك على سمع الملك فيعمل بحسبه فيقدم من يجب تاخيره، ويؤخر من يجب تقديمه، ويستكفى في العمل بمن ليس بكفو، فتختل أحوال الدولة ويفسد نظامها، ولا يشعر به، وإنما يشغل كل بما يليق به .
وصى ابرهيم(1) النديم لولده فقال له: اعلم يا بني أن مجلس الملك
صفحة ٢٤٤