أثر تاريخ النص الحديثي في توجيه المعاني

يوسف بن جودة الداودي ت. غير معلوم
44

أثر تاريخ النص الحديثي في توجيه المعاني

الناشر

مستلة من حولية كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية

تصانيف

الإِحْرَامِ لِلأَمْرِ بِغَسْلِ أَثَرِهِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ قِصَّةَ يَعْلَى كَانَتْ بِالْجِعِرَّانَةِ كَمَا ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ بِلا خِلافٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدَيْهَا عِنْدَ إِحْرَامِهَا كَمَا سَيَاتِي فِي الَّذِي بَعْدَهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ بِلا خِلافٍ؛ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ فَالآخِرِ مِنَ الأَمْرِ وَبِأَنَّ الْمَامُورَ بِغَسْلِهِ فِي قِصَّةِ يَعْلَى إِنَّمَا هُوَ الْخَلُوقُ لا مُطْلَقُ الطِّيبِ فَلَعَلَّ عِلَّةَ الأَمْرِ فِيهِ مَا خَالَطَهُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ تَزَعْفُرِ الرَّجُلِ مُطْلَقًا مُحْرِمًا وَغَيْرَ مُحْرِمٍ وَفِي حَدِيث ابن عُمَرَ الآتِي قَرِيبًا وَلا يَلْبَسُ أَيِ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَفِي حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ الآتِي أَيْضًا وَلَمْ يَنْهَ إِلا عَنِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ، وَسَيَاتِي مَزِيدٌ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَصَابَهُ طِيبٌ فِي إِحْرَامِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلا ثُمَّ عَلِمَ فَبَادَرَ إِلَى إِزَالَتِهِ فَلا كَفَّارَةَ عَلَيْه". (١) قلت: بَيَّنَ الحافظُ ابْنُ حَجَرٍ أنَّ بعض أهل العلم استدلوا بهذا الحديث عَلَى مَنْعِ اسْتِدَامَةِ الطِّيبِ بَعْدَ الإِحْرَامِ لِلأَمْرِ بِغَسْلِ أَثَرِهِ مِنَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ، ثم أشار إلى أن الجمهور على خلاف ذلك، ثم ساق برهان الجمهور بِأَنَّ قِصَّةَ يَعْلَى كَانَتْ بِالْجِعِرَّانَةِ كَمَا ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ بِلا خِلافٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدَيْهَا عِنْدَ إِحْرَامِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ بِلا خِلافٍ، بناءً على هذا قال الحافظ مستدلا بتَارِيخ النُّصُوصِ: " بِأَنَّ الْمَامُورَ بِغَسْلِهِ فِي قِصَّةِ يَعْلَى إِنَّمَا هُوَ الْخَلُوقُ أو الزَّعْفَرَانُ لا مُطْلَقُ الطِّيبِ"، وهو توجيه مَدْلُول النَّهي في الحديث.

(١) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (٣/ ٣٩٥).

1 / 45