أثر تاريخ النص الحديثي في توجيه المعاني

يوسف بن جودة الداودي ت. غير معلوم
29

أثر تاريخ النص الحديثي في توجيه المعاني

الناشر

مستلة من حولية كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية

تصانيف

قَالَ الحافظُ ابْنُ حَجَرٍ في الفتح: "وَقَدِ اسْتَشْكَلَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ خِدْمَةِ أَنَسٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَوَّلِ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لأَنَّهُ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ تِسْعَ سِنِينَ وَفِي رِوَايَةٍ عَشْرَ سِنِينَ وَخَيْبَرُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا خَدَمَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لأَبِي طَلْحَةَ الْتَمِسْ لِي غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ تَعْيِينُ مَنْ يَخْرُجْ مَعَهُ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ فَعَيَّنَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ أَنَسًا فَيَنْحَطُّ الالْتِمَاسُ عَلَى الاسْتِئْذَانِ فِي الْمُسَافَرَةِ بِهِ لا فِي أَصْلِ الْخِدْمَةِ فَإِنَّهَا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِذَلِكَ". (١) قلت: عَرَضَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ الاسْتِشْكَال في متن الحديث مِنْ حَيْثُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ لأَبِي طَلْحَةَ: «التَمِسْ غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ»، وقد ثبت أنَّ خِدْمَةَ أَنَسٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَوَّلِ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فيلزم أن يكون طلب النَّبِيّ ﷺ على سبيل عَلَى الاسْتِئْذَانِ فِي الْمُسَافَرَةِ بِهِ؛ لأنَّه ثبت أَنَّ أَنَسًا ﵁ قَالَ: " خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ، وَلاَ: لِمَ صَنَعْتَ؟ وَلاَ: أَلا صَنَعْتَ". (٢)، فظهر أنَّ الحافظ ابن حجر قَارَن بَين تاريخ النَّص وهو سنة سبع هجرية زمن غَزوة خَيْبَرَ، وبين كون أنَّ أنَسًا ﵁ قد خَدَمَ النَّبِي ﷺ أَوَّلِ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فخرج بأنَّ المعني: " تَعْيِينُ مَنْ يَخْرُجْ مَعَهُ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ"، فظهرت قيمة تاريخ النَّص في توجيه معاني ما أُشْكِلَ من الرِّوَايَات. المثال الثاني: مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَأَتَيْنَا

(١) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج: ٦، ص: ٨٧. (٢) البخاري، الجامع الصحيح، بَابُ حُسْنِ الخُلُقِ، كِتَابُ الأَدَبِ، (٨/ ١٤)، رقم: ٦٠٣٨.

1 / 30