غير أن شوقي قد سلم مرة بأن تلك الآثار قد شادها الظلم، ولكنه ظلم في سبيل إشادة المجد، وبناء آثار تنبئ عن عظمة الإنسان، حتى إن الظلم ليشرق وجهه فخرا عندما تعد تلك الآثار من صنع يديه:
هي من بناء الظلم إلا أنه
يبيض وجه الظلم منه ويشرق
لم يرهق الأمم الملوك بمثلها
فخرا لهم يبقى، وذكرا يعبق
53
وأعجب شوقي كغيره من الشعراء بالأهرام، ويرى عليها من الجلال ما لم يره على السهول والجبال، ولها من الروعة القدسية ما للمعابد، ويحس بأن لها روحانية. وهذا إحساس انفرد بتصويره شوقي، كما أنه يرى أنها قد استقرت قواعدها فوق الثرى بما أوتيه المصريون من عقل راجح وذكاء، وأنها ارتفعت إلى عنان السماء بفضل ما أوتوه من خلق رفيع هو بلا شك خلق الثبات والمثابرة والطموح؛ وذلك إذ يقول:
قل للأعاجيب الثلاث مقالة
من هاتف بمكانهن وشاد
لله أنت! فما رأيت على الثرى
صفحة غير معروفة