وَإِنَّمَا اكتفيت على نقل قدر من عِبَارَات الْعِزّ وَابْن الصّلاح لحُصُول الْمَقْصُود بِهِ وَهُوَ كَون صَلَاة الرغائب مَوْضُوعَة وروايتها بَاطِلَة وَقد اتَّضَح مِمَّا ذكرنَا أَن الْمُحدثين كلهم اتَّفقُوا على كَون حَدِيثهَا مَوْضُوعا ثُمَّ مِنْهُم وهم الْجُمْهُور من منع عَنْهَا قطعا وَجعل أداءها بِدعَة وضلالا وَمِنْهُم من جوز أداءها لمن شَاءَ من غير اعْتِقَاد صِحَة حَدِيثهَا وَالْحق مَعَ الْجُمْهُور وَهُوَ قَول الْمَنْصُور.
وفى الْمدْخل لِابْنِ الْحَاج الْمَالِكِي عِنْد ذكر المواسم الَّتِي نسبوها إِلَى الشَّرْع وَلَيْسَت مِنْهُ بعد ذكر مَا أحدثوه من أول لَيْلَة من رَجَب وَمن الْبدع الَّتِي أحدثوها فِي هَذَا الشَّهْر الْكَرِيم أَن أول لَيْلَة جُمُعَة مِنْهُ يصلونَ فِي الْجَوَامِع والمساجد صَلَاة الرغائب ويجتمعون فِي جَوَامِع الْأَمْصَار ومساجدها ويظهرونها فِي مَسَاجِد الْجَمَاعَات بِإِمَام وَجَمَاعَة كَأَنَّهَا صَلَاة مَشْرُوعَة وانضم إِلَى هَذِه الْبِدْعَة مفاسد مُحرمَة وَهِي اجْتِمَاع النِّسَاء وَالرِّجَال فِي اللَّيْل على مَا علم مَا اجتماعاتهم وَأَنه لَا بُد أَن يكون مَعَ ذَلِكَ مَا لَا يَنْبَغِي مَعَ زِيَادَة وقود الْقَنَادِيل وَغَيرهَا، وفى زِيَادَة وقودها إِضَاعَة المَال لَا سِيمَا إِذا كَانَ الزَّيْت من الْوَقْف فَيكون ذَلِكَ جرحه فِي حق النَّاظر لَا سِيمَا إِن كَانَ الْوَاقِف لم يذكرهُ، وَإِن ذكره لم يعْتَبر شرعا، وَزِيَادَة الْوقُود مَعَ مَا فِيهِ من إِضَاعَة المَال سَبَب لِاجْتِمَاع من لَا خير فِيهِ. وَقد ذكر الإِمَام أَبُو بكر الفِهري الْمَعْرُوف بالطرطوشي تقبيح اجْتِمَاعهم وفعلهم صَلَاة الرغائب فِي جمَاعَة وَأعظم النكير على فَاعل ذَلِكَ، وَقَالَ فِي كِتَابه أَنَّهَا بِدعَة قريبَة الْعَهْد حدثت فِي زَمَانه وَأول مَا حدثت فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى أحدثها فلَان سَمَّاهُ فالتمسه هَذَا قَوْله فِيهَا وَهِي على دون مَا يَفْعَلُونَهُ الْيَوْم فَإِن قَالَ قَائِل قد ورد الحَدِيث عَن النَّبِي فِي النّدب إِلَى الصَّلَاة ذكره أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ فِي كتاب الْإِحْيَاء لَهُ.
1 / 73