آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد
الناشر
دار الكتاب والسنة،كراتشي - باكستان،مكتبة دار الحميضي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فاسقين خارجين عن الطاعة والامتثال. والعهد الذي أخذه هو: ما جبلهم عليه وفطرهم عليه، وأخذ عليهم في الأصلاب أنه ربهم ومليكهم، وأنه "لا إله إلا هو" وأقروا بذلك، وشهدوا على أنفسهم به، وخالفوه وتركوه وراء ظهورهم، وعبدوا مع الله غيره بلا دليل ولا حجة لا من عقل ولا شرع، وفي الفطر السليمة: خلاف ذلك، وجاءت الرسل الكرام من أولهم إلى آخرهم بالنهي عن ذلك كما جاء في صحيح مسلم يقول الله تعالى "إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم" وفي الصحيحين "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" الحديث، وقال تعالى في كتابه العزيز (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (١). وقوله تعالى (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٢) وقال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (٣) إلى غير ذلك من الآيات". (٤) أ. هـ.
الفطر والإيجاد يقتضي العبودية للفاطر:
قال ابن القيم: قوله تعالى: حاكيًا عن صاحب ياسين أنه قال لقومه محتجًا عليهم بما تقر به فطرهم وعقولهم: (وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٥).
فتأمل هذا الخطاب كيف تجد تحته أشرف معنى وأجله، وهو أن كونه سبحانه فاطرًا لعباده يقتضي عبادتهم له، وأن من كان مفطورًا مخلوقًا فحقيق به
_________
(١) سورة الأنبياء، الآية: ٢٥.
(٢) سورة الزخرف، الآية: ٤٥.
(٣) سورة النحل، الآية: ٣٦.
(٤) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٤٤٩).
(٥) سورة يس، الآية: ٢٢.
1 / 69