آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد
الناشر
دار الكتاب والسنة،كراتشي - باكستان،مكتبة دار الحميضي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
بين يدي حجية الميثاق
قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١)، يخبر المولى جل في علاه عن استخراجه ولد آدم، من صلبه، ومن أصلاب آبائهم، وإقرارهم بتوحيده بالألوهية، وبطلان ألوهية ما سواه.
وجعل الحكيم الخبير أثر هذا الميثاق ومقتضاه من لوازم النفوس وحقائقها التي لا انفكاك لها عنها ألبتة ما دامت باقية على استقامة خلقتها.
"فالعلم الإلهي فطري ضروري وهو أشد رسوخًا في النفس من مبدأ العلم الرياضي كقولنا إن الواحد نصف الاثنين، ومبدأ العلم الطبيعي كقولنا: إن الجسم لا يكون في مكانين؛ لأن هذه المعارف أسماء قد تُعرض عنها أكثر الفطر وأما العلم الإلهي فما يتصور أن تعرض عنه فطرة" (٢).
ولهذا كان علم التوحيد هو الحقيقة البديهة التي انبثقت منها كافة العلوم، وسائر القواعد والأصول، وعامة المعارف والأدلة.
ومن ثم أصبج الشك في هذا العلم الشريف - فضلا من جحده وإنكاره - تشككا في أصل ذات الإنسان، وعلة وجوده وتكريمه وتشريفه على سائر المخلوقات، بل - والذي نفسي بيده - إنه ليؤول إلى التشكك في سائر حقائق الوجود بأسرها.
وقد علل المولى ﵎ هذا الأخذ والميثاق، وذاك العلم الفطري
_________
(١) سورة الأعراف، الآيات: ١٧٢ - ١٧٤.
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢/ ١٥: ١٦) بتصرف بسيط.
1 / 15