أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد الخامس والعشرون بعد المائه ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
الوقفة الثانية: من خلال مقارنة معتقداتهم في الأنبياء:
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مصطَفَوْن من الله تعالى، اختارهم الله عزوجل لتبليغ رسالته إلى النَّاس، فأدُّوا الأمانة، وبلَّغوا الرسالة.
وأمَّة محمَّد ﷺ تؤمن برسل الله جميعًا، ولا تُفرِّق بين أحدٍ منهم، وتعتقد أنَّ رسالةَ النبيّ محمَّد ﷺ هي خاتمة الرسالات، والمهيمنة عليها.
وبجانبهم نجد أهل الديانتين المحرَّفتين؛ اليهود والنصارى يكفرون بأكثر رسل الله، ولا يؤمنون بهم، ويُجوِّزون على أنبياء الله معصية الله تعالى في جميع كبائر الذنوب وصغائرها، خلا الكذب في التبليغ فقط.
فاليهود - مثلًا - لم يكتفوا بنسبة المعصية إلى الأنبياء ﵈، بل نسبوا إلى بعضهم ما يترفَّع عن ارتكابه أهل الفسق والمجون.
فزعموا أنَّ نبيّ الله لوطًا ﵇ الذي شهد له ولبناته أعداؤه بالطهر والعفاف ـ: ﴿أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٨٢]ـ بعد أن أنجاه الله من القرية التي كانت تعمل الخبائث، شرب الخمر، ثمّ زنى بابنتيه، فحبلتا منه. وهذا نصّ توراة اليهود المحرَّفة: “وصعد لوطٌ من صُوغَر، وسكن في الجبل، وابنتاه معه؛ لأنَّه خاف أن يسكنَ في صُوغَر، فسكنَ في المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخَ، وليس في الأرض رجلٌ ليدخل علينا كعادة كُلِّ الأرض، هلمّ نسقي أبانا خمرًا ونضطجع معه، فنُحيي من أبينا نسلًا. فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحَدَث في الغدّ أنَّ البكر قالت للصغيرة: إنِّي اضطجعتُ البارحةَ مع أبي. نَسقيه خَمرًا الليلة أيضًا، فادخلي اضطجعي معه، فنُحيي من أبينا نسلًا. فسقتا أباهما خمرًا في تلك الليلة أيضًا، وقامت الصغيرةُ واضطجعت معه، ولم
1 / 61