243

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

تصانيف

- المَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ) مِنْ أَيْنَ يَأْتِي الكَاهِنُ بِأَخْبَارِهِ؟
الجَوَابُ: يِأْتِي مِنْ عِدَّةِ أَشْكَالٍ؛ هِيَ:
١) مَا يَتَلَقَّونَهُ مِنَ الجِنِّ: فَإِنَّ الجِنَّ كَانُوا يَصْعَدُوْنَ إِلَى جِهَةِ السَّمَاءِ؛ فَيَرْكَبُ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَى أَنْ يَدْنُوَ الأَعْلَى بِحَيْثُ يَسْمَعُ الكَلَامَ فَيُلْقِيْهِ إِلَى الَّذِيْ يَلِيْهِ، إِلَى أَنْ يَتَلَقَّاهُ مَنْ يُلْقِيْهِ فِي أُذُنِ الكَاهِنِ فَيَزِيْدَ فِيْهِ. (١)
٢) مَا يُخْبِرُ الجِنِّيُّ بِهِ مَنْ يُوَالِيْهِ بِمَا غَابَ عَنْ غَيْرِهِ - مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الإِنْسَانُ غَالِبًا، أَوْ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ لَا مَنْ بَعُدَ -.
٣) مَا يَسْتَنِدُ إِلَى ظَنٍّ وَتَخْمِيْنٍ وَحَدْسٍ، وَهَذَا قَدْ يَجْعَلُ اللهُ فِيْهِ لِبَعْضِ النَّاسِ قُوَّةً؛ مَعَ كَثْرَةِ الكَذِبِ فِيْهِ.
٤) مَا يَسْتَنِدُ إِلَى التَّجْرُبَةِ وَالعَادَةِ، فَيَسْتَدِلُ عَلَى الحَادِثِ بِمَا وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ.
٥) مَا يَعْرِفُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ هَوَاجِسِ الإِنْسَانِ الَّتِيْ يُوَسْوِسُهَا لِابْنِ آدَمَ؛ فيُخْبِرُ بِهَا وَلِيَّهُ. (٢)

(١) وَفِي البُخَارِيِّ (٦٢١٣)، وَمُسْلِمٍ (٢٢٢٨) عَنْ عَائِشَةَ ﵂ (سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: (لَيْسُوا بِشَيْءٍ). قَالُوا يَا رَسُوْلَ اللهِ: فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُوْنَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُوْنُ حَقًّا! فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: (تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُوْنَ فِيْهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ». وَفِي لَفْظٍ (فَيُقَرْقِرُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حجرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٢١٩/ ١٠): (قَوْلُهُ لَهُم (لَيْسُوا بِشَيْءٍ): أَيْ: لَيْسَ قَوْلُهُم بِشَيْءٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، (ثُمَّ نَقَلَ عَنِ الخَطَّابِيِّ ﵀: (أَنَّ إِصَابَةَ الكَاهِنِ أَحْيَانًا إِنَّمَا هِيَ لِأَنَّ الجِنِّيَّ يُلْقِي إِلَيْهِ الكَلِمَةَ الَّتِيْ يَسْمَعُهَا - اسْتِرَاقًا مِنَ المَلَائِكَةِ - فَيَزِيْدُ عَلَيْهَا أَكَاذِيْبَ يَقِيْسُهَا عَلَى مَا سَمِعَ، فَرُبَّمَا أَصَابَ نَادِرًا؛ وَخَطَؤُهُ الغَالِبُ».
(٢) انْظُرْ كِتَابَ (فَتْحُ البَارِي) (٢١٧/ ١٠)، وَكِتَابَ (إِعَانَةُ المُسْتَفِيْدِ) (٥١٣/ ١).

1 / 243