228

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

تصانيف

بَابُ مَا جَاءَ فِي الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا). (١)
وَعَنْ أَبِي هُريرةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَ: (مَنْ أَتَىَ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (٢)
وَلِلْأَرْبَعَةِ وَالحَاكِمِ - وَقَالَ صَحِيْحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ). (٣)
وَلِأَبِي يَعَلَى بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مِثْلُهُ مَوْقُوْفًا. (٤)
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوْعًا (لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِّرَ لَهُ، ومَنْ أَتَى كَاهِنًا؛ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ). رَوَاهُ البَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. (٥)
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - دُوْنَ قَوْلِهِ (وَمَنْ أَتَى) إِلَى آخِرِهِ -. (٦)
قَالَ البَغَوِيُّ: العَرَّافُ: الَّذِيْ يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الأُمُوْرِ بِمُقَدِّمَاتٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى المَسْرُوْقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقِيْلَ هُوَ الكَاهِنُ، وَالكَاهِنُ: هُوَ الَّذِيْ يُخْبِرُ عَنِ المُغَيَّبَاتِ فِي المُسْتَقْبَلِ، وَقِيلَ: الَّذِيْ يُخْبِرُ عَمَّا فِي الضَّمِيْرِ. (٧)
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: العَرَّافُ اسْمٌ لِلْكَاهِنِ وَالمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ وَنَحْوِهِمْ؛ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي مَعْرِفَةِ الأُمُوْرِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ. (٨)
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْمٍ يَكْتُبُوْنَ (أَبَا جَادٍ) وَيَنْظُرُوْنَ فِي النُّجُوْمِ: (مَا أَرَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ خَلَاقٍ). (٩)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ تَصْدِيْقُ الكَاهِنِ مَعَ الإِيْمَانِ بِالقُرْآنِ.
الثَّانِيَةُ: التَّصْرِيْحُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ.
الثَّالِثَةُ: ذِكْرُ مَنْ تُكُهِّنَ لَهُ.
الرَّابِعَةُ: ذِكْرُ مَنْ تُطُيَّرَ لَهُ.
الخَامِسَةُ: ذِكْرُ مَنْ سُحِرَ لَهُ.
السَّادِسَةُ: ذِكْرُ مَنْ تَعَلَّمَ أَبَا جَادٍ.
السَّابِعَةُ: ذِكْرُ الفَرْقِ بَيْنَ الكَاهِنِ وَالعَرَّافِ.

(١) صَحِيْحٌ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢٢٣٠) (دُوْنَ زِيَادَةِ (فَصَدَّقَهُ»، وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ (١٦٦٣٨) فِي المُسْنَدِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ دُوْنَ زِيَادَةِ (فَسَأَلَهُ). الضَّعِيْفَةُ (٦٥٢٣).
قُلْتُ: وَأَمَّا حَدِيْثُ (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ فَقَدْ بَرِءَ مِمَّا أُنِزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ. ومَنْ أَتَاهُ غَيْرَ مُصَدِّقٍ لَهُ، لَمْ تُقْبلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا)! فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي الضَّعِيْفَةِ بِنَفْسِ الرَّقَمِ السَّابِقِ (٦٥٢٣): (مُنْكَرٌ لِلفَقَرَةِ الثَّانِيَةِ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الأَوْسَطِ، فَإِنَّ الفَقَرَةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا صَحَّتْ فِي المُصَدِّقِ بِلَفْظِ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاة أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ورَوَاهُ مُسْلِم وَغَيْرُهُ).
(٢) صَحِيْحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٩٠٤). الصَّحِيْحَةُ (٣٣٨٧).
(٣) صَحِيْحٌ. الحَاكِمُ (١٥). قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀: (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَابْنُ مَاجَه، وَفِي أَسَانِيْدِهِم كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ). صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ (٣٠٤٧).
(٤) صَحِيْحٌ مَوْقُوْفًا. أَبُوْ يَعْلَى (٥٤٠٨)، وَالبزَّارُ (٣١٥/ ٥)؛ وَبِزِيَادَةِ (أَوْ سَاحِرًا). صَحِيْحُ التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ (٣٠٤٨).
قُلْتُ: وَلَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٢١٧/ ١٠): (إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْي).
(٥) صَحِيْحٌ لِغَيْرِهِ. البزَّارُ (٥٢/ ٩)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ (١٦٢/ ١٨). الصَّحِيْحَةُ (٢١٩٥).
(٦) الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ (٤٢٦٢).
(٧) شَرْحُ السُّنَّةِ لِلبَغَوِيِّ (١٨٢/ ١٢).
(٨) مَجْمُوْعُ الفَتَاوَى (١٧٣/ ٣٥).
(٩) صَحِيْحٌ مَوْقُوْفًا. أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي المُصَنِّفِ بِرَقَم (١٩٨٠٥)، وَقَالَ: (عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُوْس عَنْ أَبِيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ). وَكَذَا رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي الشُّعَبِ (٤٨٣١). تَحْقِيْقُ فَتْحِ المَجِيْدِ (ص٣٠٧) لِلشَّيْخِ حَامِدِ الفَقِي.
وَالمَرْفُوْعُ مِنْهُ مَوْضُوْعٌ وَهُوَ بِلَفْظِ (رُبَّ مُعَلِّمِ حُرُوْفِ أَبَي جَادَ، دَارَسٍ فِي النُّجُوْمِ، لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَلَاقٌ يَوْمَ القِيَامَةِ)، فَإِنَّ فِيْهِ خَالِدَ بْنَ يَزِيْدَ العُمَرِيَّ، وَهُوَ كذَّابٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيْرِ (٤١/ ١١). الضَّعِيْفَةُ (٤١٧).

1 / 228