التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الطبراني في الصغير والكبير!
وفي هذا القول على صغره جهالات:
أولًا: أن الطبراني لم يصحح الحديث في "الكبير" بل في "الصغير" فقط، وأنا نقلت الحديث عنه للقارئين مباشرة، لا بالواسطة كما يفعل أولئك، لقصر باعهم في هذا العلم الشريف "ومن ورد البحر استقل السواقيا".
ثانيًا: أن الطبراني إنما صحح الحديث فقط دون القصة، بدليل قوله وقد سبق: قد روى الحديث شعبة ... والحديث صحيح فهذا نص على أنه أراد حديث شعبة، وشعبة لم يرو هذه القصة، فلم يصححها إذن الطبراني، فلا حجة لهم في كلامه.
ثالتًا: أن عثمان بن حنيف لو ثبتت عنه القصة لم يُعَلَّم ذلك الرجل فيها دعاء الضرير بتمامه، فإنه أسقط منه جملة "اللهم شفعه في وشفعني فيه" لأنه يفهم بسليقته العربية أن هذا القول يستلزم أن يكون النبي ﷺ داعيًا لذلك الرجل، كما كان داعيًا للأعمى، ولما كان هذا منفيًا بالنسبة للرجل، لم يذكر هذه الجملة؟ قال شيخ الإسلام "ص١٠٤": "ومعلوم أن الواحد بعد موته ﷺ إذا قال: "اللهم فشفعه في وشفعني فيه" – مع أن النبي ﷺ لم يدعُ له – كان هذا كلامًا باطلًا، مع أن عثمان بن حنيف لم يأمره ان يسأل النبي ﷺ شيئًا، ولا أن يقول: "فشفعه في"، ولم يأمره بالدعاء المأثور على وجهه، وإنما أمره ببعضه، وليس هناك من النبي ﷺ شفاعة، ولا ما يظن أنه شفاعة، فلو قال بعد موته: "فشفعه في" لكان كلامًا لا معنى له، ولهذا لم يأمر به عثمان،
1 / 87