التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
معنى الوسيلة في القرآن:
إن ما قدمته من بيان معنى التوسل هو المعروف في اللغة، ولم يخالف فيه أحد، وبه فسر السلف الصالح وأئمة التفسير الآيتين الكريمتين اللتين وردت فيهما لفظة "الوسيلة"، وهما قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ١ وقوله سبحانه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ ٢.
فأما الآية الأولى، فقد قال إمام المفسرين الحافظ ابن جرير ﵀ في تفسيرها: "يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله فيما أخبرهم، ووعد من الثواب، وأوعد من العقاب. "اتقوا الله" يقول: أجيبوا الله فيما أمركم، ونهاكم بالطاعة له في ذلك. "وابتغوا إليه الوسيلة" يقول: واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه.
ونقل الحافظ ابن كثير عن ابن عباس ﵄ أن: معنى الوسيلة فيها القربة، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد، ونقل عن قتادة قوله فيها: "أي تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه" ثم قال ابن كثير: "وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.. والوسيلة
_________
١ سورة المائدة: الآية ٣٥.
٢ سورة الإسراء: الآية ٥٧.
1 / 13