التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
غلط بالغ وضلال مبين، ذلك لأن للاطراء المنهي عنه في الحديث معنيين اثنين أولهما مطلق المدح، وثانيهما المدح المجاوز للحد. وعلى هذا فيمكن أن يكون المراد الحديث النهي عن مدحه ﷺ مطلقًا، من باب سد الذريعة، واكتفاءً باصطفاء الله تعالى له نبيًا ورسولًا، وحبيبًا وخليلًا، ومما أثنى سبحانه عليه في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ ١، إذ ماذا يمكن للبشر أن يقولوا فيه بعد قول الله ﵎ هذا؟ وما قيمة أي كلام يقولونه أمام شهادة الله تعالى هذه؟ وإن أعظم مدح له ﷺ أن تقول فيه ما قال ربنا ﷿: إنه عبد له ورسوله، فتلك أكبر تزكية له ﷺ، وليس فيها إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير. وقد وصفه ربنا ﷾ وهو في أعلى درجاته، وأرفع تكريم من الله تعالى له، وذلك حينما أسرى وعرج به إلى السماوات العلى، حيث أراه من آيات ربه الكبرى، وصفه حينذاك بالعبودية فقال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ ٢.
ويمكن أن يكون المراد: لا تبالغوا في مدحي، فتصفوني بأكثر مما أستحقه، وتصبغوا علي بعض خصائص الله ﵎.
ولعل الأرجح في الحديث المعنى الأول لأمرين اثنين: أولهما تمام الحديث، وهو قوله ﷺ: "فقولوا عبد الله ورسوله" أي اكتفوا بما وصفني به الله ﷿ من اختياري عبدًا له ورسولًا، وثانيهما ما عقد بعض أئمة الحديث له من الترجمة، فأورده الإمام الترمذي مثلًا تحت
_________
١ سورة القلم: الآية ٤.
٢ سورة الإسراء: الآية ١.
1 / 80