التوسل أنواعه وأحكامه

ناصر الدين الألباني ت. 1420 هجري
54

التوسل أنواعه وأحكامه

محقق

محمد عيد العباسي

الناشر

مكتبة المعارف للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ

سنة النشر

٢٠٠١ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

ومما يؤكد هذا أن الصحابة ﵃ كانوا يختلفون في مسائل كثيرة بعد وفاته ﷺ، ولم يخطر في باب أحد منهم الذهاب إليه ﷺ في قبره، ومشاورته في ذلك، وسؤاله عن الصواب فيها، لماذا؟ إن الأمر واضح جدًا، وهو أنهم كلهم يعلمون أنه ﷺ انقطع عن الحياة الدنيا، ولم تعد تنطبق عليه أحوالها ونواميسها. فرسول الله ﷺ بعد موته حي، أكمل حياة يحياها إنسان في البرزخ، ولكنها حياة لا تشبه حياة الدنيا، ولعل مما يشير إلى ذلك قوله ﷺ: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد ﵇" ١ وعلى كل حال فإن حقيقتها لا يدريها إلا الله ﷾، ولذلك فلا يجوز قياس الحياة البرزخية أو الحياة الأخروية على الحياة الدنيوية، كما لا يجوز أن تعطى واحدة منهما أحكام الأخرى، بل لكل منها شكل خاص وحكم معين، ولا تتشابه إلا في الاسم، أما الحقيقة فلا يعلمها إلا الله ﵎. ونعود بعد هذا التنبيه إلى ما كنا فيه من الرد على المخالفين في حديث توسل عمر بالعباس، فنقول: إن تعليلهم لعدول عمر - رضي الله - عنه عن التوسل بالنبي ﷺ إلى التوسل بالعباس ﵁ بأنه لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل هو تعليل مضحك وعجيب. إذ كيف يمكن أن يخطر في بال عمر ﵁ أو في

١ رواه أبو داود عن أبي هريرة وإسناده حسن وهو مخرج في كتابي "الأحاديث الصحيحة ٢٦٦٦" و"الأحاديث الضعيفة- ٣/٥" و"نقد الكتاني- ٤٧" و"صحيح أبي داود ١٧٩٩".

1 / 60