التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
كفر وضلال، بين الله بطلانه وحذر منه. وكثيرًا ما يخلط الناس في هذه الأمور، فيظنون أنه بمجرد ثبوت النفع بوسيلة ما تكون هذه الوسيلة جائزة ومشروعة، فقد يحدث أن يدعو أحدهم وليًا، أو يستغيث بميت فيتحقق طلبه، وينال رغبته، فيدعي أن هذا دليل على قدرة الموتى والأولياء على إغاثة الناس، وعلى جواز دعائهم والاستغاثة بهم، وما حجته في ذلك غير حصوله على طلبه، وقد قرأنا مع الأسف في بعض الكتب الدينية أشياء كثيرة من هذا القبيل، إذ يقول مسطرها، أو ينقل عن بعضهم قوله مثلًا: إنه وقع في شدة، واستغاث بالولي الفلاني، أو الصالح العلاني، وناداه باسمه، فحضر حالًا، أو جاءه في النوم فأغاثه، وحقق له ما أراد.
وما درى هذا المسكين وأمثاله أن هذا - إن صح وقوعه - استدراج من الله ﷿ للمشركين والمبتدعين، وفتنة منه سبحانه لهم، ومكر منه بهم، جزاءًا وفاقًا على إعراضهم عن الكتاب والسنة، واتباعهم لأهوائهم وشياطينهم.
فهذا الذي يقول ذاك الكلام يجيز الاستغاثة بغير الله تعالى، هذه الاستغاثة التي هي الشرك الأكبر بعينه، بسبب حادثة وقعت له أو لغيره، ويمكن أن تكون هذه الحادثة مختلقة من أصلها، أو محرفة ومضخمة لإضلال بني آدم، كما يمكن أن تكون صحيحة، وراويها صادقًا فيما أخبر، ولكنه أخطأ في حكمه على المنقذ والمغيث، فظنه وليًا صالحًا، وإنما هو شيطان رجيم، فعل ذلك عن قصد خبيث، هو تلبيس الأمور على الناس، وإيقاعهم في حبائل الكفر والضلال من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
1 / 23