التصغير في ألقاب الأسر

تصانيف

التصغير في ألقاب الأُسَر النشرة الثانية - مزيدة ومصححة ـ (٢٥/ ٧/ ١٤٣٨ هـ)

1 / 1

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آل وأصحابه ومن اهتدى بهداه، واتبع سبيله إلى يوم الدين، أما بعد فهذه ورقات يسيرة في مسألة لطيفة: «التصغير في ألقَابِ الأُسَر» باعثُها: ما طُرح في مجالس متعددة (١) من مجالس اثنينية معالي الشيخ: محمد بن ناصر العبودي ــ حفظه الله وبارك في علمه، ومتَّعَهُ بالعافية ـ، حيث تحدث عن تصغير ألقاب أسر بلدة: «ضارج القصيم= الشقة» ... ... وفي بعض المجالس سأل د. عبدالله بن صالح الوشمي (٢) معالي الشيخ قائلًا: لماذا يكثر تصغير الأسماء والحاجيَّات عندنا في «نجد»؟ !

(١) منها بتاريخ: (٢٦/ ٦/ ١٤٣٤ هـ)، وتاريخ (١٥/ ٧/ ١٤٣٦ هـ)، وتاريخ: (٢١/ ٣/ ١٤٣٨ هـ)، وتواريخ أخر. (٢) أمين مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، وهو أستاذ جامعي، وأديب معروف - وفقه الله ـ.

1 / 4

مثل: شغِيله، قِهِيوَه، حليبه، عِشي، دريهمات، مصيخِين ... قال الشيخ - رعاه الله ـ: للتصغير أغراض: التمليح أو التحقير، وغالبًا ما يراد منه عندنا التمليح وذكر قول الحريري: وَإِن تُرِدْ تصغيرَ الاسمِ المُحتَقَرْ ... إِمَّا لتِهْوانٍ (١) وَإِمَّا لصِغَرْ فضُمَّ مبدَاهُ لهذي الحَادِثَهْ ... وزِدهُ يَاءً تبْتديها (٢) ثَالِثَهْ تقولُ فِي فَلْسٍ فُلَيْسٌ يَا فتَى ... وَهَكَذَا كلُّ ثُلاثيٍّ أَتَى (٣) ثم قال الشيخ: العجيب ما يقصد الناس بقولهم للشايب: شويِّب! ! وتعجب الشيخ من ذلك! ! أهو تمليح أو تصغير أو تحقير. فقال الأستاذ الشاعر: أبو قُصي إبراهيم التركي - على سبيل الطرفة ـ: عندنا صغِير، وصغيِّر، وصغنطوط! !

(١) كذا في متن الملحة، وفي «شرح الملحة» للحريري الناظم - تحقيق: فائز فارس - (ص ١٦٦)، و«اللمحة في شرح الملحة» لابن الصائغ (٢/ ٦٥٣): لإهْوانٍ. (٢) في «اللمحة في شرح الملحة» لابن الصائغ: تبتدي. (٣) «ملحة الإعراب» (ص ٣٠)، «اللمحة في شرح الملحة» لابن الصائغ (ت ٧٢٠ هـ) - ط. الجامعة الإسلامية - (٢/ ٦٥٣).

1 / 5

قال معالي الشيخ: ديرة «الشقة» معروف أُسَرُها بالتصغير: المديهش، والشويهي، والقصَيِّر، والسديس ... انتهى وقد أبديت رأيي للشيخ مرارًا بأن تصغير ألقاب الأسر ليس خاصًا ... - أو ميزة - بأسر ضارج =الشقة، بل هي صفة غالبة في «نجد» - كما سيأتي ـ. ولأني لم أجد من تحدث عن هذه المسألة (١)، عزمت على الكتابة فيها ... لنفسي أولًا، ولمن يمتعه الحديث حول مواضيع الملح التي يتخفف ويستروح المرءُ بها وفيها من ثِقَل العلم والعمل.

(١) لم أقف على من تكلم في هذا الموضوع إلا الأستاذ د. أبو أوس الشمسان - وفقه الله - في كتابه الجميل: «أسماء الناس» - سيأتي النقل منه ـ. وللأستاذ: محمد الرشيد - وفقه الله - كتاب مطبوع في مجلد بعنوان «ألقاب الأُسَر» فيه فوائد عزيزة منوعة، ولم أجد فيه هذه المسألة. وللأستاذ: إبراهيم الخالدي - وفقه الله - كتاب «الجامع المختصر للألقاب والعزاوي عند البدو والحضر» غلاف طبع في الكويت ١٤٢٣ هـ، وهو كتاب جميل، استبعد فيه الألقاب المصغَّرة، والألقاب التي تحمل رائحة المعايير كما ذكر في المقدمة (ص ١٦)، ومن المعلوم أن العزاوي مبنية على التفخيم لا التصغير.

1 / 6

تمهيد في بيان أغراض التصغير عند أئمة اللغة: ذكر اللغويون أن للتصغير أغراضًا: التحقير، والتقليل، والتقريب، واللطافة، والرحمة، والإشفاق، والمحبة والعطف ... وذكروا أن الكوفيين أضافوا معنى آخر، وهو: التعظيم .... واستدلوا بأدلة، منها: قول عمر عن ابن مسعود ﵄ كُنيِّف مُلئ عِلمًا. (١) وقول الأنصاري في البَيْعة: (... أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ...). (٢) وغير ذلك من الأمثلة التي أوردوها ... من ذلك ما ورد في «أمالي» ابن الشجري: (وقد جاء التحقير فى كلامهم للتعظيم كقوله: وكلّ أناس سوف تدخل بينهم * دويهية تصفرّ منها الأنامل أراد بالدُّويهية الموت، ولا داهية أعظم منها،

(١) كما في «الموطأ» لمالك - رواية محمد بن الحسن - رقم (٦٠٧)، و«مصنف عبدالرزاق» (١٠/ ١٣) رقم (١٨١٨٧). (٢) كما في «صحيح البخاري» رقم (٦٨٣٠).

1 / 7

وكقول أوس بن حجر: فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن ... لتبلغه حتى تكلَّ وتعملا أي: لم تكن لتبلغ رأسه. فتحقير اللُّتيّا هاهنا إنما هو تعظيم، ويبعد أن يكون أراد باللُّتيَّا الفعلة الهيِّنَة لقوله: «وكفيت جانيها اللّتيّا»، والفعلة الهيِّنة لا يكاد فاعلها يُسمَّى جانيًا). (١) قال أبو علي الفارسي (ت ٣٧٧ هـ): (. . . دُوهِيَةٌ تصفَرُّ منها الأناملُ. فاصفرارُ الأنامل يكون من أكبر الدواهي؛ لأنه يحدث عند الموت، وهذا يدل على أنَّ التحقيرَ قد يُعنى به تعظيم الأمر). (٢) ذكر أبو حيان (ت ٧٤٥ هـ) أنه يقال: باب التصغير، وباب التحقير. (٣)

(١) «أمالي ابن الشجري» (١/ ٣٦). (٢) «كتاب الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب» للفارسي (٢/ ٣٩١). (٣) «ارتشاب الضرَب» (١/ ٣٥١).

1 / 8

قال ابن يعيش (ت ٦٤٣ هـ): (اعلم أنَّ التصغير والتحقير واحدٌ، وهو خلافُ التكبير والتعظيم. وتصغيرُ الاسم دليلٌ على صِغَر مسمَّاه، فهو حِلْيَةٌ وصفةٌ للاسم؛ لأنك تريد بقولك: «رُجَيْلٌ» رجلًا صغيرًَا، وإنّما اختصرتَ بحذف الصفة، وجعلتَ تغييرَ الاسم والزيادةَ عليه عَلَمًَا على ذلك المعنى ...). (١) وذكر أبو حيَّان أن التصغير يأتي لتحقير شأن الشئ، نحو: زُييد ورُجيل، تضع من شأنه. ولتقليل ذاته، نحو: كُليب. أو كمِّيتِه، نحو: دريهمات. أو لتقريب زمانه، نحو: قُبيل وبُعيد. أو مسافته، نحو: فويق وتُحيت. أو منزلته: كأُخيَّ وصُدَيِّقِيَّ. وزاد الكوفيون لتعظيم الشئ، نحو: دُويْهيِيَة، للمنِيَّة، وزعموا أنَّ من ذلك أُخَيَّ، وصُدَيِّقِيَّ. (٢)

(١) «شرح المفصل» (٣/ ٣٩٤). (٢) «ارتشاف الضرَب» (١/ ٣٨٩)، وانظر: «شرح الشافية» للرضى (١/ ٢٨٣)، «شرح المفصل» (٣/ ٣٩٦).

1 / 9

ذكر ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ): أن التصغير من خواصِّ الأسماء .... ثم أورد أغراضه فقال: والنّحاة يسمُّونه «باب التصغير»، وباب «التحقير»؛ تسمية للشئ ببعضه، فإنَّه يقع في الكلام على أضرب: الضرب الأول: التصغير، ويختصُّ بالجثث؛ لأنه ضد الكبير، نحو: جمل وجميل، وجبل وجبيل. الضرب الثانى: التحقير، ويختصُّ بما يظنُّ عظيمًا؛ لأنه ضد التعظيم، نحو: ملك ومليك، ورجل ورجيل إذا أريد الشجاعة. الضرب الثالث: التقريب، ويختصُّ بما يظنُّ بعيدًا، نحو: فويق السطح، ودوين السقف، وقبيل الشهر. الضرب الرابع: التقليل، ويختصُّ بالمقادير، نحو: مويل، ودريهمات، وحنيطة، وأجيمال. الضرب الخامس: التعظيم وفيه خلاف، كقول النّبيِّ ﷺ لابن مسعود: «كنيف ملئ علمًا»، وكقوله ﵇ لعائشة: «يا حميراء». وكقولهم: «هو دويهية» إذا وصفوه بالدّهاء العظيم، قال الشاعر: وكلّ أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفرّ منها الأنامل. ومنه قولهم: يا أخيَّ، ويا بُنىَّ، ويا صُدَيِّقىَّ إذا أرادوا به المبالغة.

1 / 10

وقد يصغَّر الشئ لدنوه من الشئ وليس مثله، كقولك: هو أصيغر منك ودُوين هذا، وفُويق ذاك، يريد تقليل الذى بينهما، وتقول: هو أسيِّد أي قد قارب السَّواد، فأما قولهم: هو مُثيل ذاك، وأميثال ذاك، فإنَّما يريدون أن يخبروا أن المشبَّه به حقيرٌ). ا. هـ (١) وقال ابن منظور: (والتصغير يجيء بمعان شتى: منها: ما يجيء على التعظيم لها، وهو معنى قوله: فأصابتها سُنَيَّةٌ حمراء، وكذلك قول الأنصاري: أنا جُذيلها المحكك وعذيقها المرجب، ومنه الحديث: أتتكم الدهيماء، يعني الفتنة المظلمة فصغرها تهويلا لها. ومنها: أن يصغر الشيء في ذاته كقولهم: دويرة وجحيرة. ومنها: ما يجيء للتحقير في غير المخاطب، وليس له نقص في ذاته، كقولهم: هلك القوم إلا أهل بييت، وذهبت الدراهم إلا دريهما. ومنها: ما يجيء للذم كقولهم: يا فويسق. ومنها: ما يجيء للعطف والشفقة نحو: يا بني ويا أخي؛ ومنه قول عمر: أخاف على هذا السبب. وهو صُدَيّقِيُّ، أي: أخص أصدقائي. ومنها: ما يجيء بمعنى التقريب كقولهم: دوين الحائط وقبيل الصبح.

(١) «البديع» لابن الأثير (٢/ ١٥٦ - ١٥٨).

1 / 11

ومنها: ما يجيء للمدح، من ذلك قول عمر لعبد الله: كنيف ملئ علمًا). (١) قال خالد الأزهري (ت ٩٠٥ هـ): (أما فوائده فسِتٌّ: ١. تقليلُ ذات الشيء، نحو: كُليب. ٢. وتحقير شأنه، نحو: رُجَيل. ٣. وتقليل كمِّيتِه، نحو: دُريهمات. ٤. وتقريب زمانه، نحو: قُبَيل العصر، وبُعَيد المغرب. ٥. وتقريب مسافته، نحو: فُوَيْق المرحلة، وتُحَيْت البريد. ٦. وتقريب منزلته، نحو: صُدَيِّقِي. وزاد الكوفيون معنى آخر، وهو: ٧. التعظيم، نحو: دُوَيْهِيَة. وخرَّجها البصريون على التقليل؛ لأن الداهية إذا عَظُمَت؛ قلَّتْ مُدَّتُها. وزاد بعضهم معنى آخر، وهو:

(١) «لسان العرب» (٤/ ٤٥٨ - ٤٥٩).

1 / 12

٨. التحبُّبْ، نحو: بُنَيَّة). انتهى. (١) وقد نفى البصريون وروده للتعظيم لأنه ينافي التصغير، وتأولوا ما ورد في ذلك ... وناقش ذلك المبرِّد (٢) - فيما ذكره الخفاجي - وأنكر وروده للتعظيم ... (٣)

(١) «التصريح بمضمون التوضيح» (٥/ ١٤٣). (٢) لم أجده في «كامل المبرد» و«المقتضب» بعد مراجعة يسيرة عجلى .. (٣) ينظر: «الأضداد» لابن الأنباري (ص ٢٩١)، و«الزاهر» له أيضًا (٢/ ٣٠١)، ... «شرح كتاب سيبويه» للسيرافي (٤/ ١٦٤)، «الوساطة بين المتنبي وخصومه» للجرجاني (ص ٤٥٩)، «سر الفصاحة» للخفاجي (ص ٩١)، «الفائق» للزمخشري (١/ ٤٤٩)، «أمالي ابن الشجري» (٢/ ٣٨٣)، «شرح الشافية» للرضي (٤/ ٨٧)، ... «شمس العلوم» للحميري (٢/ ١٠٢٧) و(٩/ ٥٩٠٦)، «ارتشاف الضرب» لأبي حيان (١/ ٣٥١ - ٤٠٠)، «شرح المفصل» لابن يعيش (٣/ ٣٩٤)، و«همع الهوامع» (٦/ ١٣٠)، «خزانة الأدب» للبغدادي (٦/ ١٥٩). وللدكتور: عليان بن محمد الحازمي - الأستاذ في كلية اللغة العربية، جامعة أم القرى - بحث عن التصغير في اللغة، نشره في «مجلة جامعة أم القرى» ١٩ - ٢٤. ووقفت على بحث عميق بعنوان: «التصغير في أسماء الأعلام العربية دراسة تأصيلية في علم اللغات السامية المقارن» لعمر صابر عبدالجليل، يقع في (١١٣) صفحة، نشر عام ١٩٩٨ م، أفادني به د. عبدالله الوشمي - جزاه الله خيرًا ـ.

1 / 13

فائدة: ذكر أبو حيان ﵀ أن العرب نطقت بأسماء مُصغَّرة، ولم تنطق بها مكبَّرة مثل: كُميت، وجُميل، والثُّرَيَّا، والقُطيعاء، وسُكيْت .... (١)

(١) والهوينى، ومسيطر، ولُجَين، والسويداء، وقد جمعها السيوطي في «المزهر» (٢/ ٢٥٣ - ٢٧٥) نقلًا من «الجمهرة» لابن دريد (٣/ ١٢٧١) وغيره. وقد ذكر ابن دريد أن (هذه الأسماء نحو: مهيمن، ومجيمر، ومبيطر، أسماء لفظها لفظ التصغير وهي مكبرة؛ لأنه لا تكبير لها من لفظها). ونقل عن ابن دريد: الجوهريُّ في ... «الصحاح»، والزجاجيُّ في «تفسير رسالة أدب الكاتب» (ص ٨٧)، وذكر أنها أربعون اسمًا، وأشار محققه - د. عبدالفتاح سليم - إلى أنها تصل إلى ستين اسمًا، كما في ... «المخصص» لابن سيدة. قلت: ذكرها في «المخصص» (٤/ ٢٦٥) معنونًا لها: (هَذَا بابُ مَا يَجْري فِي الأعْلام مُصَغَّرًا وتُرِك تكبيرهُ لِأَنَّهُ عِندهم مُستصغرٌ، فاستُغني بتصغيره عَن تَكْبيره). قال ابن قتيبة في «أدب الكتاب» (ص ٥٩٥): (قال أبو عبيدة: ولم يأت «مفيعل» في غير التصغير، إلا في حرفين: مسيطر، ومبيطر، وزاد غيره: مهيمن).

1 / 14

وبأسماء فاعلين على صورة المصغَّر نحو: مُبيطر، ومسيطر، ومُبيقر، ومهيمن ... وقال أيضًا: (وكثر مجئ المصغَّر دون المكبَّر في الأعلام ك: قُريظة، وجُهينة، ووطُهية، وهُذيل، وسُليم. (١) هذا، وإن للألقاب شأنًَا كبيرًا عند أهل العلم، حتى أفردت بمصنفات عديدة، منها: «الألقاب» لابن الفرضي (ت ٤٠٣ هـ)، و«كشف النقاب عن الأسماء والألقاب» لابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ)، و«مجمع الآداب في معجم الألقاب» لابن الفوطي (ت ٧٢٣ هـ)، «نزهة الألباب في الألقاب» لابن حجر (ت ٨٥٢ هـ)، وغيرها كثير ضمن مسمى الألقاب أو الأنساب أو مشتبه النسبة، ك «الإكمال» لابن ماكولا، و«تكملته» لابن نقطه، و... «الفيصل في مشتبه النسبة» لأبي بكر الحازمي (ت ٥٨٤ هـ)، و«تحفة ذوي

(١) «ارتشاف الضرب» (١/ ٣٨٩ - ٣٩٠).

1 / 15

الألباب» لابن خطيب الدهشة (ت في القرن ٨ هـ)، و«تبصير المشتبه» لابن حجر، وغيرها، ولأحد المعاصرين «ألقاب المحدِّثين»، وغيرها كثير. وفي مقيَّدات ابن خلكان في «وفيات الأعيان» بيان لعدد من الألقاب. (١) ومع كثرة الألقاب، وتعدد الكتب المؤلفة فيها إلا أنها - أو غالبها - ألقاب أشخاص لم تنزل على أعقابهم، بخلاف زماننا فإن غالب الألقاب أصبحت أسرًا كبيرة، ينتسب إليها مئات من الأشخاص وبعضها بالآلاف ... والألقاب في سابق الدهور على ألوان شتى (٢)، منها: ١. لقَبٌ منسوب إلى قبيلة، مثل: الوائلي = العنَزِي، القحطاني، التميمي، الدوسري، المطيري، الحربي، الشمري، الزهراني، الغامدي،

(١) جمعها العلامة: عبدالسلام هارون في كتابه «معجم مقيدات ابن خلكان». وفي «المزهر» للسيوطي (٢/ ٤٢٦ - ٤٤٧) بيان عدد من ألقاب أهل اللغة. (٢) أفدته من: «ألقاب الأسر» لمحمد بن عبدالله الرشيد (ص ٢٦)، مع اختصار وزيادة، وانظر: «أحكام الأسماء والكنى والألقاب» د. عمر بن طالب (ص ٣٧ - ٣٩).

1 / 16

العجمي، الحربي، وهكذا. ٢. منسوب إلى بلد: كالمكي، والمدني، والقاهري، والدمشقي، والبغدادي، والموصلي، والكوفي، والصنعاني، والحبشي، والأصبهاني، والجرجاني، والسجستاني، والسمرقندي، والبخاري، وهكذا. ٣. منسوب إلى صنعة: كالحداد، والنجار، والنحاس، والصباغ، والدباغ، والسقاف، والوراق، والحطاب، والدقاق، والخراز، والهراس، والعطار، وهذه النسبة تغلب في بلاد الشام. ومنها: النسبة إلى المهنة: كالفوال، والخباز، والطباخ .... ٤. منسوب إلى وظيفة: كالكاتب، والوزير، والقاضي، والحاجب، و«الشاويش، والخزندار، والعلم دار ... وغالب ذلك كان في العهد العثماني. ٥. منسوب إلى عاهات خَلقية: كالأعمش، والضرير، والأكوع، والأعرج، والأخرس، والأعشى، والأصقه ... ٦. منسوب إلى لون: كالأشقر، والأسمر، والأحمر، والأصفر، والأسود ...

1 / 17

٧. منسوب إلى أسماء الحيوانات: كالجربوع، والنملة، والباز، والعصفور، والشاهين، والذيب، والنمر، والكلب = الكليب، والسبع، والجراد، والأسد، والصقير، والفهد، والفهيد، والنمير ... ٨. منسوب إلى طرق صوفية ــ نسأل الله السلامة والعافية والثبات على منهج السنة والجماعة في اقتفاء أثر السلف الصالح ــ، مثال النسبة الطرقية البدعية الخلفية: كالشاذلي، والقادري، والنقشبندي، والرفاعي، والتيجاني، والجشتي، والسهروردي، والخلوتي ... ٩. منسوب إلى المذهب العقدي الخلَفي: كالزيدي، والأشعري، والماتريدي، والأباظي، والدرزي، والنصيري، والمعتزلي، والجعفري الرافضي، والإسماعيلي الباطني، - نسأل الله التوحيد الخالص والسنة النبوية بفهم سلف الأمة، ونسأله السلامة من الزيغ والضلالة ـ. ١٠. منسوب إلى المذهب الفقهي: كالحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والظاهري، والأثري. ١١. منسوب إلى المدرسة العلمية: كالأزهري، والندْوي - ندوة العلماء في الهند - والمظاهري - وهذا يغلب في الأعاجم ـ

1 / 18

١٢. النسبة إلى الأجداد، وهذه غلبت في القبائل العربية، الحاضرة منهم خاصة، أما البادية فالنسبة للفخذ أو القبيلة ... وفي الحاضرة تكون نسبة الأسرة إلى اسم الجد - خاصة إن كان غريبًا أو مميزًا - أو لقبه ... وغالب الأسر النجدية - في وقتنا هذا - تنتسب إلى الجد: من (٩) إلى ... (١٧) وأكثرها: (١١ - ١٢ - ١٣) تقريبًا ... فإن حفظ الله الأسرة من لقب جديد ــ لغرابته، أو عيارة (١) أطلقها المجتمع على أحدهم - فإن الاسم سيستمر في أعقابهم، وإلا تفرعت إلى أسر أخرى، وهكذا تتشظى عدد من الأسر بسبب المعايير غالبًا

(١) أصل العارُ: السبَّة والعيب. يُقال: عاره، إذ عابَه، فهو عائر، وعيار، تعايروا: تعايبوا، وعيَّر بعضهم بعضًا. والمَعايِرُ: المَعايِبُ. وفي «التاج»: (العار: السبة والعيب. وقيل: هو كل شيء لزم به سبة أو عيب، والجمع أعيار. ويقال: فلان ظاهر الأعيار، أي العيوب. وقد عيره الأمر، ولا تقل: عيره بالأمر، فإنه قول العامة هكذا صوبه الحريري في درة الغواص. وقد صرح المرزوقي في شرح الحماسة بأنه يتعدى بالباء، قال: والمختار تعديته بنفسه، قاله شيخنا. وأنشد الأزهري للنابغة: =

1 / 19

من أسر «ضارج القصيم = الشقة»

= وعيرتني بنو ذبيان خشيته ... وهل علي بأن أخشاك من عار وتعايروا: عير بعضهم بعضًا قال أبو زيد: يقال: هما يتعايبان، ويتعايران، فالتعاير: التساب، والتعايب دون التعاير، إذا عاب بعضهم بعضًا). قال ابن الأعرابي: (والعرب تمدح بالعيار وتذم به. يقال: غلام عيَّار: نشيط في المعاصي، وغلام عيار: نشيط في طاعة الله تعالى، وفرس عيار وعيال: نشيط. ويقال عار الرجل يعير عيرانا، وهو تردده في ذهابه ومجيئه. ومنه قيل: كلب عيار وعائر). ويُقال: عارَ الرجُل إذَا انْهَمَكَ في الخلاعة، ورجل عَيَّارٌ. ذكر ابن فارس: (عيرت فلانًا لا يكون إلا في التعيير والذم). ومن معاني العيَّار: الذي يُخَلِّي نفْسَه وهواها، لا يزجرها. والرجل الكثير المجئ والذهاب في الأرض. وقيل: هو الذكي الكثير التطواف والحركة، حكاه الأزهري عن الفراء. وربما سُمِّى الأسد بالعيار؛ لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد. ينظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (٣/ ١٠٤)، «مجمل اللغة» لابن فارس (ص ٦٣٩)، «غريب الحديث» للخطابي (١/ ٤٨٠)، «الزاهر في معاني كلمات الناس» (١/ ١٥٣)، «الصحاح» (٢/ ٧٦٤)، «تصحيح التصحيف» للصفدي (ص ٣٨٩)، «تاج العروس» (١٣/ ١٧٧ - ١٧٨)، «المعجم الوسيط» (٢/ ٦٣٩).

1 / 20

مثلًا: جدِّي الثامن هو: (الحميدي بن حمد، من آل هويمل، من آل «أبو رباع»، من الحسني، من السلقا، من بشر، من بني وائل» توفي أواخر ... (القرن ١١ هـ) في «ضارج القصيم = الشقة» له خمسة أولاد: ــ وهو الجد السابع أو الثامن ــ لخمس وعشرين أسرة تفرعَّت منه! ! غالبها بسبب المعايير: منها: ١. المديهش نسبة لجدي: مديهش «اسمٌ لا لقب» (١) بن محمد بن إبراهيم بن سالم الحميدي. ومن أتى بعده يكتفي به ولا يرفع النسب، لتفرد الاسم وعدم وقوع الاشتراك. ومن الأسر المتفرعة من الحميدي أيضًا: ٢. القصيِّر ــ لقِصَرِه ـ ٣. والجُوعي ــ قيل: لعدم قدرته وقت جوع وفقر على إطعام الضيوف من البادية بغير اللبن؛ فأطلقوا عليه: الجوعي،

(١) حسب السجلات التي يُدوَّن فيها تجاراته في النصف الأول من القرن (١٣ هـ).

1 / 21

وقيل: لإطعامه الجوعى ومناداته بذلك: ياجوعان تفضَّل، وردَّ ذلك العبودي. (١) ٤. الشويهي - نسبة للشاهي ـ. ٥. الخَضِيري - لِلَونه ـ. ٦. السديس - لمطالبته بسدسه من الميراث واستعجاله الارتحال عن «ضارج» إلى «البكيرية». ٧. العقيل نسبة لجدهم: عقيل ٨. الحُضَيف: الحِضف ذكَر الحيات، وهي من أشدها، وكانوا - أحيانًا - يمدحون به الحاكم الجيِّد - كالملك عبدالعزيز، فقد قيل: هو حِضف. قاله الشيخ: العبودي. (٢)

(١) «معجم أسر بريدة» (٣/ ٥٣٣). (٢) في مهاتفته - حفظه الله - للحديث حول هذا البحث (٩/ ٤/ ١٤٣٨ هـ). ثم وجدته في «معجم الحيوان عند العامة» للعبودي (١/ ٢٤٥ - ٢٤٦) تحدث عن الحضف، وذكر أن أكثر شعراء العامية يمدح الشجاع بأنه كالحِضف الذي لايسلم مَن مسَّه نابه ... ونقل عن الزبيدي في «التاج» (٢٣/ ١٦٤) أن الجوهري وابن منظور أهملا ذكر الحضف ... وقال الصاغاني: الحية، كالحضب، بالباء، قال العبودي: (فإما أن تكونا لغتين صحيحتين، وإما أن يكون مرجع ذلك إلى كون الفاء والباء تتعاقبان في النطق).

1 / 22