وكبار أهل الحل والعقد في الإسلام.
ومتى رميت برجل ذي ذكاء ومواهب، في قطر تجاري كالشام أو العراق "قبل الإسلام" فاختلط بالتجار، وقاسى محيطا غير محيطه، تفتّحت تلك المواهب، وانجلت عن نبوغ كبير ما كان لينكشف لو جمد صاحبه في محيطه الضيق، بين شعاف مكة وبطاحها. إن شئت فانظر إلى هذا الاحتيال المضاعف الذي أتاه المغيرة بن شعبة وضحك به على كل خمّار في الحيرة "إن كان ليعجز عن أقل منه أقطاب فضائح "ستافسكي" رغم ما يجهزهم به العصر العشرون من وسائل وعدد".
ولعل في هذه القصة التي سأوردها لك بيانا شافيا لهذا الدهاء التجاري الذي تمرّست به قريش، وامتازت به من العرب قاطبة:
قال المغيرة بن شعبة:
"أول ما عرفني به العرب من الدهاء والحزم، أني كنت في ركب من قومي، في طريق لنا إلى الحيرة فقالوا لي: "قد اشتهينا الشراب، وما معنا إلا درهم زائف" فقلت: "هاتوه وهلموا زقين". فقالوا: "وما يكفيك لدرهم زائف زق واحد! " قلت: "أعطوني ما طلبت وخلاكم ذم" ففعلوا وهم يهزءون من قولي.
1 / 117