التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام
الناشر
أضواء السلف،الرياض
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩هـ/ ١٩٩٨م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
أن لهذه الكواكب تأثيرًا في حوادث هذا العالم مما يزيد على الأمر الطبيعي المألوف، حماية لهم من الوقوع فيما وقعت فيه الأمم الماضية من الإشراك بهذه النجوم واتخاذها أربابًا من دون الله.
وبقي المسلمون على هذه الحال لا يدخل بينهم يدعي شيئًا من علم التنجيم إلا أخرسوه، وحذروا الناس منه، ولا تأتي مناسبة لذمه إلا وذموه، وذموا من يقتفي أثره، ولم يتركوا باب شر تدخل منه مثل هذه الأمور إلا أغلقوه وأحكموا رتاجه كما فعل عمر بن الخطاب ﵁ عندما أمر جنوده الذين فتحوا الإسكندرية أن يحرقوا كتب الفلاسفة والمنجمين التي وجدوها هناك سدًّا لباب الشرك وعبادة الكواكب١.
ومضت السنون على هذا الحال، إلا أن أعداء الإسلام لا يتركون للإسلام صفاءه، ولأهله سموهم وتمكنهم، وهم على عادتهم يتربصون بالمسلمين الدوائر، فإذا وجدوا ثغرة فيهم، أو لمسوا غفلة منهم استغلوها غاية الاستغلال في تنفيذ مخططاتهم التي غايتها إبعاد المسلمين عن دينهم.
فوجد هؤلاء الثغرة لمنتظرة عندما فتح الخلفاء العباسيون باب تترجمة كتب الفلاسفة، فتسابق الفرس والصائبة والمجوس وغيرهم ليمدوا أيديهم لتحقيق ذلك، وليبذلوا الجهد والوقت في تنفيذ مخططاتهم، وتقربوا إلى الخلفاء بهذه الأعمال، فلما وجدوا لأنفسهم مكانة عندهم أرادوا منهم أن يسلكوا سلوك ملوك الفرس والروم في اتخاذ المنجمين مستشارين في جميع الأمور، واستطاعوا أن يفعلوا ذلك، فاتخذ بعض الخلفاء في بلاطهم منجمين إن لم يكن اعتقادًا فيهم فهو على الأقل استئناسًا
_________
١ "مجموع فتاوى ابن تيمية": (١٧/٤١) .
1 / 8