التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام
الناشر
أضواء السلف،الرياض
رقم الإصدار
الطبعة الثانية
سنة النشر
١٤١٩هـ/ ١٩٩٨م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
والقصص في كذب المنجمين كثيرة جدًا، وقتلى المنجمين لا يحصيهم إلا الله، وفيما ذكرناه كفاية في بيان فساد صناعتهم، وفي إظهار كذبهم.
الوجه الخامس: لو كان هذا العلم صحيحًا لحظي المنجمون بالغنى والسلامة والنعم، ومعلوم من واقعهم أن الأمر بالعكس، فالغالب في أحوال المنجمين ومن سمع منهم وعمل بقولهم الفقر والنحوسة والحرمان، والتاريخ أكبر شاهد على ذلك١.
الوجه السادس: أن هذه الصنعة –على فرض صحة أحكامها- فلا فائدة في حصول العلم بها، إذ إن الإنسان لا يقدر أن يزيد فيه سعدًا، ولا ينقص منه نحسًا، بشهادتهم على ذلك٢، فضلًا عن المضرة الحاصلة الواقعة على مكتسب هذا العلم، وذلك أن متوقع السعادة يحصل له من قلق المتوقع، وحرقة الانتظار ما يقطعه عن منافعه، ويقصر به عن حركته اتكالًا على ما يأتيه، وتعويلًا على ما يصل إليه، ففكره منقسم، وقلبه معذب، بعد الدقائق والثواني شوقًا إلى ما وعد، فإذا تأخر السعد أو تخلف –وكثيرًا ما يحدث- انقدح في القلب حسرة وندامة على ما فاته من السعد الموهوم فكانت مضرة على مضرة، أما متوقع النحس فهو حاصل له قبل وقوعه، لشدة رعبه من قدومه، ففكره لا ينصرف عنه، وعن التفكير فيه، فتبقى حياته منغصة حتى يحين موعده المزعوم، وقد يأتي وقد يتخلف، فعلم من ذلك أن هذه الصناعة ضارة بأهلها وبمن اعتقدها، معذبة لهم، سواء أكانت علمًا صحيحًا أم فاسدًا٣.
١ انظر: "مفتاح دار السعادة": (٢/١٣١-١٣٢) .
٢ انظر: "المقابسات": ص١٢٠، وما بعدها، و"فرج المهموم": ص٦٠-٦١.
٣ انظر: "فرج المهموم": ص٦١-٦٢.
1 / 214