120

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الطبعة الثالثة

سنة النشر

١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م

تصانيف

وقول الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ الآية. ــ الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ "، تتمة الآية: ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ قال جمهور المفسرين: إن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يعبدون المسيح وأُمَّه وعُزَيْرًا، فبيّن الله سبحانه أن هؤلاء الذين تدعونهم هم عبادي يدعونني، وهم فقراء إليّ يدعونني، ويتقربون إليّ بالطاعة، فهم عباد من عبادي، والعبد لا يصلح أن يكون معبودًا، وليس هناك في السموات والأرض إلاَّ من هو عبد لله: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)﴾، ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾، فكل الخلق، كل سكان السموات والأرض كلهم عباد لله، فلا يصلح أن يُعبدوا من دون الله ﷿، ولذلك قال الله في الآية التي قبلها: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا (٥٦)﴾ هذا تعجيز للمشركين، وتعجيز لآلهتهم التي يعبدونها من دون الله. "قل ادعوا" هذا أمر تهديد ووعيد، "الذين زعمتم" والزّعم مَطِيَّة الكذب، الزّعم يُطلق على الأمر الذي لا حقيقة له، ﴿الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ أنهم ينفعون أو يضرون من دون الله ﷿. ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ يعني: غير الله ﷾، ﴿فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا﴾ إذا نزل بكم مرض فإن كل هؤلاء الذين تدعونهم من دون الله- بما فيهم الملائكة والأنبياء والصالحون والأولياء- كلهم لا يملكون كشف الضر، إذا أنزل الله ضرًّا بعبد فلن يستطيع أحد رفعه إلاَّ الله ﷾، كما قال تعالى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ﴾ لا يملكون كشف الضر، لا يملك كشف الضر إذا نزل ولا يرفعه إلاَّ الله ﷾، وبذلك تبطل عبادة هؤلاء، ﴿وَلا تَحْوِيلًا﴾ أي: نقله من محل إلى محل، لا يملكون نقل المرض من عضو إلى عضو، إذا أنزله الله بالرأس فلا يستطيع كل الخلق أو الأطباء المَهَرَة، لا يستطيعون أن يحولوا وجع الرأس إلى اليد، أو وجع اليد إلى الرِّجل، أبدًا، وكذلك لا يستطيعون أن يحولوه من شخص إلى شخص آخر، إذا نزل مرض بعبد من العباد فلن يستطيع أطباء العالم والمستشفيات والمنظمات الصحية العالمية أن تنقل المرض

1 / 124