قال: «وصلني انطباع غير صحيح إذن. لم أعتزم قط أن يحدث ذلك فارقا بالنسبة إليك.»
قالت إنه لم يحدث أي فارق. الآن، ودون أن يمارس عليها أي ضغوط، شعرت وكأنها تدور في دوامة على نحو لا يقاوم، وكأن الفراش تحول إلى نحلة دوارة يلهو بها طفل صغير وكادت تطيح بها. حاولت أن تفسر أن آثار الدم على الملاءة ربما تعزى إلى حيضها، لكن كلماتها خرجت من فمها بعدم اكتراث، فكان من العسير الربط بينها.
حوادث
عندما عاد آرثر إلى البيت قبل الظهر بفترة وجيزة، قادما من المصنع، صاح قائلا: «ابتعدي عن طريقي حتى أغتسل! وقع حادث في المصنع.» لم يرد أحد، كانت السيدة فير، مدبرة المنزل، في المطبخ تتكلم عبر الهاتف بصوت عال جدا لدرجة أنها لم تستطع أن تسمعه، وبالطبع كانت ابنته بالمدرسة. اغتسل وألقى بكل شيء يرتديه في سلة كبيرة، ومسح الحمام جيدا كما لو كان قاتلا. خرج في هيئة بهية حتى شعره كان لامعا ومصففا، وقاد سيارته إلى بيت الرجل. كان عليه أن يستفسر عن مكان البيت، كان يعتقد أنه يقع في بلدة فينيجر هيل، لكنهم نفوا ذلك وقالوا إن الأب هو الذي يعيش هناك، أما الشاب وزوجته فيسكنان على الجانب الآخر من البلدة وراء الموقع الذي أقيم فيه جهاز تبخير التفاح قبل الحرب.
عثر على الكوخين المبنيين بالطوب، وكانا متجاورين، واختار الكوخ الأيسر حسبما قيل له. لم يكن من الصعب التعرف على البيت على أية حال. سبقته الأنباء. كان باب البيت مفتوحا، ولم يكن الأطفال قد بلغوا سن دخول المدرسة، كانوا يمرحون في فناء البيت. ثمة فتاة صغيرة كانت تجلس على عربة للصغار، ولم تكن تتحرك، بل تعترض طريقه. دار من حولها، وبينما هو يفعل، خاطبته فتاة أكبر سنا بطريقة رسمية - وتحذيرية. «مات أبوها، أبوها هي!»
خرجت امرأة من الغرفة الأمامية، تحمل ستائر على ذراعيها، أعطتها لامرأة أخرى تقف في الردهة. كانت التي استلمت الستائر امرأة عجوز، ملامح وجهها مستكينة، وقد فقدت أسنانها العليا؛ من المرجح أنها كانت تأخذ طعامها معها إلى البيت لتتناوله بأريحية. أما المرأة التي أعطتها الستائر فكانت بدينة، ولكنها شابة نضرة البشرة.
قالت المرأة العجوز لآرثر: «أخبرها بألا ترتقي هذا السلم؛ ستكسر رقبتها وهي تخلع الستائر. هي تحسب أننا بحاجة إلى أن نغسل كل شيء. هل أنت الحانوتي؟ أوه، أرجو المعذرة! أنت السيد دود؟ جريس، تعالي هنا! جريس، إنه السيد دود.»
قال آرثر: «لا تزعجيها.» «تعتقد أنها ستزيل جميع الستائر وتغسلها وتعلقها مرة أخرى بحلول الغد؛ لأنه سيتعين عليه الدخول إلى الغرفة الأمامية. إنها ابنتي، ولا يمكنني أن أقول لها شيئا.»
جاء رجل مريح الطلعة، يرتدي حلة ذات طابع ديني، قادما من خلف البيت وقال بصوت حزين: «سوف تهدأ الآن.» كان القس الخاص بهم، لكنه لم يكن ينتمي لأي من الكنائس التي يعرفها آرثر، هل هو من الكنيسة المعمدانية؟ أم الخمسينية؟ أم من كنيسة الإخوة بليموث؟ كان يحتسي الشاي.
جاءت امرأة أخرى، وأزالت الستائر بسلاسة وخفة، وقالت: «ملأنا المغسلة وشغلناها. في يوم كهذا اليوم، ستجف بسرعة البرق. أبعدي الأطفال عن هنا فحسب.»
صفحة غير معروفة