أسرار العربية
الناشر
دار الأرقم بن أبي الأرقم
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٠هـ
سنة النشر
١٩٩٩م
وحُكِي عن بعض العرب أنه بُشِّر بمولودة، فقيل: نِعم المولودة مولودتك؛ فقال: "والله ما هي بنعم المولودة، نصرتها بكاء، وبرها سرقة"١ وحكي عن بعض العرب أنه قال: "نعم السير على بئس العير" فأدخلوا عليهما حرف الجر؛ وحرف الجر يختص بالأسماء؛ فدل على أنهما اسمان.
والوجه الثاني: أن العرب تقول: يا نعم المولى و/يا/٢ نعم النصير فنداؤهم "نعم" يدل على أنها اسم٣؛ لأن النداء من خصائص الأسماء.
والوجه الثالث: أنهم قالوا: الدليل على أنهما ليسا بفعلين، أنه لا يحسن اقتران الزمان بهما كسائر الأفعال، ألا ترى أنه لا يحسن أن تقول: "نعم الرجل أمس" ولا "بئس الرجل غدًا" فلما لم يحسن اقتران الزمن بهما؛ دل على أنهما ليسا بفعلين.
الوجه الرابع: أنهما لا يتصرفان، ولوكانا فعلين؛ لكانا يتصرفان؛ لأن التصرف من خصائص الأفعال، فلمّا لم يتصرفا؛ دل على أنهما ليسا بفعلين.
والوجه الخامس: أنَّه قد جاء عن العرب، أنهم قالوا: نعيم الرجل زيد، وليس في أمثلة الأفعال شيء على وزن: فعيل؛ فدل على صحة ما ذهبنا إليه؛ وهو مذهب البصريين٤، وأما ما استدل به الكوفيون ففاسد؛ أما قولهم: إنهما اسمان لدخول حرف الجر عليهما، فقلنا٥: هذا فاسد؛ لأن حرف الجر إنما دخل عليهما على تقدير الحكاية، فلا يدل على أنهما اسمان؛ لأن حروف الجر قد تدخل على تقدير الحكاية على ما هو فعل في
١ مثل حكاه ابن الأنباري، عن أبي العباس، أحمد بن يحيى "ثعلب" عن سلمة، عن الفراء، عن أحد العرب. وقد أورده ابن الأنباري في الإنصاف ١/ ٩٨-٩٩. موطن الشاهد: "بنعم". وجه الاستشهاد: احتجاج الكوفيين بهذا المثل على اسميه "نعم" بدليل دخول الباء الجارة عليها، كما في الشاهد السابق. ٢ سقطت من "ط". ٣ في "ط" اسمان؛ والصواب ما أثبتنا من "س". ٤ في "س" والصحيح ما ذهب إليه البصريون. ٥ في "س" قلنا.
1 / 91