أصناف المغرورين
محقق
عبد اللطيف عاشور
الناشر
مكتبة القرآن للنشر والتوزيع
مكان النشر
القاهرة - مصر
الفرقة الثانية
وفرقة أخرى ربما اكتسبوا الحلال.. واجتنبوا الحرام وأنفقوه على المساجد، وهى أيضا مغرورة من وجهين: أحدهما: الرياء وطلب السمعة والثناء.. فإنه ربما يكون فى جواره أو بلده فقراء، وصرف المال إليهم أهم.. فإن المساجد كثيرة والغرض منها الجامع وحده فيجزئ عن غيره.. وليس الغرض بناء المسجد فى كل سكة وفى كل درب والمساكين والفقراء محتاجون.
وإنما خف عليهم دفع المال فى بناء المساجد لظهور ذلك بين الناس.. ولما يسمع من الثناء عليه من الخلق، فيظن أنه يعمل لله وهو يعمل لغير الله.. والله أعلم بذلك.. وإنما نيته عليه غضب.. وإنما قال: قصدت أنه لله تعالى.
والثانى: أنه يصرف ذلك فى زخرفة المساجد وتزيينها بالنقوش المنهى عنها.. الشاغلة قلوب المصلين لأنهم ينظرون إليها وتشغلهم عن الخشوع فى الصلاة.. وعن حضور القلب.. وهو المقصود..
وكلما طرأ على المصلين فى صلاتهم وفى غير صلاتهم فهو فى رقبة البانى للمسجد.. إذ لا يحل تزيين المسجد بوجه..
قال الحسن رضى الله عنه: إن رسول الله ﷺ لما أراد أن يبنى مسجده بالمدينة أتاه جبريل فقال له: (ابنه سبعة أذرع طولًا فى السماء لا تزخرفه ولا تنقشه) .
1 / 62