أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب
محقق
مصطفى عبد القادر عطا
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض، فَأَيْنَ النَّار؟ وَأَنه أَجَابَهُ بقوله: أَرَأَيْت إِذا أقبل اللَّيْل فَأَيْنَ يكون النَّهَار؟ لم يَصح ذَلِك حَدِيثا، ويؤثر هَذَا من كَلَام ابْن عَبَّاس لما سَأَلَهُ رجل عَن آيَة: ﴿وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾، فَأَجَابَهُ بِمَا ذكر.
(فَائِدَة:)
مَا اشْتهر أَن عبد الله بن سَلام سَأَلَ النَّبِي ﷺ عَن أَشْيَاء غَرِيبَة مثل: أَي بقْعَة لم تَرَ الشَّمْس إِلَّا مرّة وَاحِدَة؟ وأجابه: أَرض الْبَحْر حِين انْفَلق لمُوسَى ﵇، وَأي قبر سَار بِصَاحِبِهِ؟ وأجابه أَنه الْحُوت الَّذِي الْتَقم يُونُس ﵇، وَأي نفس مَاتَت وأحيت غَيرهَا؟ وأجابه: بِأَنَّهَا بقرة بني إِسْرَائِيل الْمَذْكُورَة بقوله تَعَالَى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ الْآيَة، وَأي شَيْء تنفس وَلَيْسَ بِذِي روح؟ وأجابه بِأَنَّهُ الصُّبْح حَيْثُ يَقُول الله تَعَالَى: ﴿وَالصُّبْح إِذا تنفس﴾، وَأي مَخْلُوق أُوحِي إِلَيْهِ وَلَيْسَ بآدمي؟ فَأَجَابَهُ النَّحْل، حَيْثُ يَقُول الله تَعَالَى: ﴿وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل﴾، وَنَحْو هَذِه الْمسَائِل. وَلَا أصل لذَلِك مُطلقًا، فَلم يَقع السُّؤَال عَنْهَا من عبد الله بن سَلام لَا للنَّبِي، وَلَا لغيره وَإِنَّمَا ثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن عبد الله بن سَلام بلغه مقدم النَّبِي ﷺ الْمَدِينَة فَأَتَاهُ يسْأَله عَن أَشْيَاء فَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ إِلَّا نَبِي: مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة؟ وَمَا أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة؟ وَمَا بَال الْوَلَد ينْزع إِلَى ابيه أَو إِلَى أمه؟ قَالَ علية الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أَخْبرنِي جِبْرِيل آنِفا "، قَالَ ابْن سَلام: ذَلِك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة، قَالَ ﵊: " أما أول أَشْرَاط السَّاعَة: فَنَار تَحْشُرهُمْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب، وَأما أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد الْحُوت، وَأما الْوَلَد: فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة نزع الْوَلَد، وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل نزعت الْوَلَد، قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنَّك رَسُول الله.
(فَائِدَة:)
مَا يحْكى أَن مُوسَى نقل قبر يُوسُف ﵉ حِين هَاجر من مصر وَجعله فِي غَار سيدنَا إِبْرَاهِيم ﵊ لم يثبت، وَلم يدل عَلَيْهِ دَلِيل، بل الْعقل يجْزم بِعَدَمِ صِحَة ذَلِك، حَيْثُ أَن مُوسَى خرج من مصر لَيْلًا ويوسف وضع فِي تَابُوت من نُحَاس أَو رصاص وَجعل فِي النّيل لتعود بركته على جَمِيع مصر كَمَا اشْتهر، وَهُوَ قريب لِلْعَقْلِ حَتَّى لَو قدر أَنه وضع فِي قبر على الْعَادة، فنقله وَحمله متعسر عَادَة وَلَو ورد بذلك خبر لأخذنا بِهِ، وَالْأَصْل بَقَاء كل شَيْء على حَاله حَتَّى يدل دَلِيل على تغيره، وَالله أعلم.
(فَائِدَة:)
مَا اشْتهر عِنْد الْعَامَّة من وجود جنَّة عَاد، وَأَنَّهَا ترى فِي بعض الْأَوْقَات، وَأَنَّهَا
1 / 351