أسماء البقاع والجبال في القرآن الكريم
صفحة ٢٩
[1 بدر حنين مصر الأحقاف]
1 بدر حنين مصر الأحقاف
صفحة ٣١
وقلت فيما وقع في القرآن من أسماء البقاع والجبال:
1-
وفي القرآن من أسماء البقاع أتى
بدر حنين ومصر ثم الأحقاف
1 [الواو]: استئنافية.
[في]: حرف جر ظرفية حقيقية مجازية.
[القرآن]: الكريم، كلام الله المعجز المنزل على رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) بالوحي المنقول إلينا بالتواتر (1). وردت لفظة «القرآن» في القرآن الكريم في 59 موضع. يقول تعالى: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا (2).
[من]: حرف جر.
[أسماء]: المفرد اسم: اللفظ الذي يعرف به الشيء ويستدل به عليه، والإسم عند النحاة: ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بزمن كرجل وفرس. وجمع الجمع: أسامي وأسام، وتصغيره: سمي، والنسبة إليه اسمي وسموي وسموي.
[البقاع]: المفرد: البقعة: القطعة من الأرض تتميز مما حولها، والقطعة من اللون تخالف ما حولها.
صفحة ٣٣
1- ...........
[أتى]: جاء.
*** [بدر]: يقول الله تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون (3).
* بدر: بالفتح ثم بالسكون. ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء (4) بينه وبين الجار، يقال: إنه ينسب إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة، وقيل: بل هو رجل من بني ضمرة (5) سكن هذا الموضع فنسب إليه ثم غلب اسمه عليه.
قال الزبير بن بكار (6): قريش بن الحارث بن يخلد (7)، ويقال: مخلد
صفحة ٣٤
1- ..........
ابن النضر بن كنانة، به سميت قريش فغلب عليها لأنه كان دليلها وصاحب ميرتها (8). فكانوا يقولون: جاءت عير (9) قريش، وخرجت عير قريش؛ قال: وابنه بدر بن قريش، به سميت بدر التي كانت بها الوقعة المباركة، لأنه كان احتفرها، وبهذا الماء كانت الوقعة المشهورة التي أظهر الله بها الإسلام وفرق بين الحق والباطل في شهر رمضان سنة اثنتين للهجرة.
ولما قتل من قتل من المشركين ببدر، وجاء الخبر إلى مكة، ناحت قريش على قتلاهم ثم قالوا: لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم.
وكان الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى (10) قد أصيب له ثلاثة
صفحة ٣٥
1- ..........
من ولده: زمعة بن الأسود (11)، وعقيل بن الأسود (12)، والحارث بن زمعة (13)، وكان يحب أن يبكي على بنيه.
قال: فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة (14) بالليل، فقال لغلام له وقد ذهب بصره: انظر هل أحل النحيب (15)، وقد بكت قريش على قتلاهم لعلي أبكي على أبي حكيمة، يعني زمعة، فإن جوفي قد احترق.
فلما رجع الغلام إليه قال: إنما هي امرأة تبكي على بعيرها أضلته:
فقال حينئذ:
أتبكي أن يضل لها بعير
ويمنعها من النوم السهود (16)
فلا تبكي على بكر، ولكن
على بدر تقاصرت الجدود (17)
على بدر سراة بني هصيص
ومخزوم ورهط أبي الوليد (18)
صفحة ٣٦
1- ..........
وبكي إن بكيت على عقيل،
وبكي حارثا أسد الأسود (19)
وبكيهم، ولا تسمي، جميعا،
وما لأبي حكيمة من نديد (20)
ألا قد ساد بعدهم رجال
ولو لا يوم بدر لم يسودوا (21)
وبين بدر والمدينة سبعة برد:
- بريد بذات الجيش.
- بريد عبود.
- بريد المرغة.
- بريد المنصرف.
- بريد ذات أجذال.
- بريد المعلاة.
- بريد الأثيل.
ثم بدر، وبدر الموعد، وبدر القتال، وبدر الأولى، وبدر الثانية، كله
صفحة ٣٧
1- ..........
موضع واحد. وقد نسب إلى بدر جميع من شهدها من الصحابة الكرام، ونسب إلى سكنى الموضع أبو مسعود البدري (22). رحم الله شهداء بدر (23).
[حنين]: يقول الله تعالى: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (24).
* حنين: يجوز أن يكون تصغير الحنان، وهو الرحمة، تصغير ترخيم، ويجوز أن يكون تصغير الحن، وهو حي من الجن.
قال السهيلي
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنت المعد لكل ما يتوقع
(25): سمي بحنين بن قانية بن مهلائيل، قال: وأظنه من
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنت المعد لكل ما يتوقع
صفحة ٣٨
1- ..........
العماليق (26). حكاه عن أبي عبيد البكري، وهو اليوم الذي ذكره عز وجل في كتابه الكريم: وهو قريب من مكة، وقيل: هو واد قبل الطائف، وقيل: واد بجنب ذي المجاز
تراني يا علي أموت وجدا
ولم أرع القرائن من رئام
ولم أرع الكرى فمشت وطائت
وأوردها المجاز وهي ظوامى
(27).
قال الواقدي (28): بينه وبين مكة ثلاث ليال، وقيل: بينه وبين مكة
تراني يا علي أموت وجدا
ولم أرع القرائن من رئام
ولم أرع الكرى فمشت وطائت
وأوردها المجاز وهي ظوامى
صفحة ٣٩
1- ..........
بضعة عشر ميلا، وهو يذكر ويؤنث، فإن قصدت به البلد ذكرته وصرفته كقوله عز وجل: ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم (29)
وإن قصدت به البلدة والبقعة أنثته ولم تصرفه كقول الشاعر:
نصروا نبيهم وشدوا أزره
بحنين، يوم تواكل الأبطال (30)
وقال خديج بن العوجاء النصري:
ولما دنونا من حنين ومائه
رأينا سوادا منكر اللون أخصفا (31)
بملمومة عمياء لو قذفوا بها
شماريخ من عروى، إذا عاد صفصفا (32)
ولو أن قومي طاوعتني سراتهم
إذا ما لقينا العارض المتكشفا (33)
إذا ما لقينا جند آل محمد
ثمانين ألفا، واستمروا بخندفا (34)
صفحة ٤٠
1- ..........
[مصر]: يقول الله تعالى: وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤ بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (35).
وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين (36).
وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون (37).
فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين (38).
ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون (39).
* مصر: سميت مصر بمصر بن مصرايم بن حام بن نوح (عليه السلام)،
صفحة ٤١
1- ..........
وهي من فتوح عمرو بن العاص (40) في أيام عمر بن الخطاب (41) رضي الله عنه.
صفحة ٤٢
1- ..........
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله تعالى: وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين (42) قال يعني مصر. وإن مصر خزائن الأرضين كلها وسلطانها سلطان الأرضين كلها، ألا ترى إلى قول يوسف (عليه السلام) لملك مصر:
اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم (43).
ولم يذكر عز وجل في كتابه مدينة بعينها بمدح غير مكة ومصر فإنه
صفحة ٤٣
1- ..........
قال: أليس لي ملك مصر (44). وهذا تعظيم ومدح، وقال: اهبطوا مصرا (45). فمن لم يعرف فهو تعظيم وعلم هذا الموضع. وقوله تعالى:
فإن لكم ما سألتم (46). تعظيما لها، فإن موضعا يوجد فيه ما يسألون لا يكون إلا عظيما؟ وقوله تعالى: وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته (47). وقال: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين (48). وقال:
وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا (49).
وسمى الله تعالى ملك مصر العزيز بقوله تعالى: وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه (50). وقالوا ليوسف حين ملك مصر: يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر (51)، فكانت هذه تحية عظمائهم.
روى أبو ميل: أن عبد الله بن عمر الأشعري قدم من دمشق إلى مصر وبها عبد الرحمن بن عمرو بن العاص (52) فقال:
ما أقدمك إلى بلدنا؟
صفحة ٤٤
1- ..........
قال: أكنت أقدمتني، كنت حدثتنا أن مصر أسرع الأرض خرابا، ثم أراك قد اتخذت فيها الرباع (53) واطمأننت.
فقال: إن مصر قد وقع خرابها، دخلها بختنصر (54)، فلم يدع فيها حائطا قائما، فهذا هو الخراب الذي كان يتوقع لها، وهي اليوم أطيب الأرضين ترابا، وأبعدها خرابا، لن تزال فيها البركة ما دام في الأرض إنسان، قوله تعالى: فإن لم يصبها وابل فطل (55)، هي أرض مصر إن لم يصبها مطر زكت، وإن أصابها أضعف زكاها.
وقالوا: مثلت الأرض على صورة طائر، فالبصرة (56) ومصر الجناحان، فإذا خربتا خربت الدنيا.
وقرأت بخط أبي عبد الله المرزباني (57)، حدثني أبو حازم القاضي
صفحة ٤٥
1- ..........
قال: قال لي أحمد بن المدبر أبو الحسن: لو عمرت مصر كلها لوفت بالدنيا.
وقال لي: مساحة مصر ثمانية وعشرون ألف ألف فدان وإنما يعمل فيها في ألف ألف فدان (58).
وقال لي: كنت أتقلد الدواوين لا أبيت ليلة من الليالي وعلي شيء من العمل، وتقلدت مصر فكنت ربما بت وعلي شيء من العمل فاستتمه إذا أصبحت.
وقال لي أبو حازم القاضي: جبى عمرو بن العاص مصر لعمر بن
صفحة ٤٦
1- ..........
الخطاب رضي الله عنه، اثني عشر ألف ألف دينار، فصرفه عثمان (59)، وقلدها عبد الله بن أبي سرح (60) فجباها أربعة عشر ألف ألف دينار.
فقال عثمان لعمرو: يا أبا عبد الله أعلمت أن اللقمة بعدك درت؟
فقال: نعم .. ولكنها أجاعت أولادها.
وقال لنا أبو حازم: إن هذا الذي رفعه عمرو بن العاص وابن أبي سرح إنما كان عن الجماجم خاصة دون الخراج وغيره.
صفحة ٤٧
1- ..........
ومن مفاخر مصر مارية القبطية (61) أم إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولم يرزق من امرأة ولدا ذكرا غيرها، وهاجر (62) أم إسماعيل (عليه السلام) (63)، وإذا كانت أم إسماعيل فهي أم محمد (صلى الله عليه وسلم).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم صهرا» (64).
صفحة ٤٨
1- ..........
قال عباس بن مرداس السلمي (65) في وصف أهالي مصر:
إذا جاء باغي الخير قلن بشاشة
له بوجوه كالدنانير: مرحبا (66)
وأهلا ولا ممنوع خير تريده،
ولا أنت تخشى عندنا أن تؤنبا (67)
وفي رسالة لمحمد بن زياد الحارثي إلى الرشيد (68) يشير عليه في
صفحة ٤٩
1- ..........
أمر مصر لما قتلوا موسى بن مصعب (69) يصف مصر وجلالتها.
ومصر خزانة أمير المؤمنين التي يحمل عليها حمل مؤنة ثغوره وأطرافه، ويقوت بها عامة جنده ورعيته مع اتصالها بالمغرب، ومجاورتها أجناد الشام، وبقية من بقايا العرب، ومجمع عدد الناس فيما يجمع من ضروب المنافع والصناعات، فليس أمرها بالصغير، ولا فسادها بالهين، ولا ما يلتمس به صلاحها بالأمر الذي يصير له على المشقة ويأتي بالرفق.
وقد هاجر إلى مصر جماعة من الأنبياء وولدوا ودفنوا بها. منهم:
صفحة ٥٠