رحمة للعالمين فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧) .
وكانت بعثةمحمد ﷺ ورسالته
رحمة للعالمين حقا وصدقًا، فمن أمارات هذه الرحمة
أن أمم الرسل السابقين تحدّوا رسلهم،
فذهبت كل أمة بعذاب، فقوم نوح أغرقهم
الطوفان، وقوم لوط دمرهم الله تدميرا بأن جعل عالي
أرضهم سافلها، وقوم صالح أخذتهم الرجفة فكانوا في
دارهم - جاثمين، وهكذا كان غيرهم من أقوام المرسلين.
وأقوام محمد كانوا أشد ممن سبقوا عتوًا واستكبارًا على
الحق، فما دعا على قوم منهم كما فعل نوح إذ استنزل من
الله العذابْ على قومه إلا المؤمنين، وكلما أسرف أقوام محمد
في الكفر والعناد والتحدي اتسع لهم قلبه بالرحمة فدعا لهم
بالهداية.
وهذا طبيعي من نبي الهدى والرحمة ورسول الإنسانية،
لأن كل من في الأرض من البشر أمته، وليس
بطبيعي أن يدعو عليهم فيبيد كلَّ من أرسل إليهم، ومحمد
مدرك أن الله لم يخلق الإنس والجن إلا لعبادته:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) .
فإذا لم يكن مبعثه رحمة لقضى عليهم،
1 / 96