أخبرها بينما أمسح بأناملي على شعرها. مع فتاة كهذه، يكون من الصعب دائما ألا تلمسها. كانت «ياسمين» شيئا نادرا، امرأة شديدة الجمال. من أجل هذا، كان الناس يختلقون الأسباب من أجل المرور في فضائها. أضبطهم يتأملونها، يشربونها داخلهم، يمضغون تفاصيلها. إنهم «باراكودا»، جميعهم.
الممرضون الذين يدفعون الكراسي المتحركة، يبطئون، حد الزحف، حين يقتربون من سريرها. الزوار المتجولون ذوو العيون الجسورة الجشعة. الأطباء، الذين يتوقفون فجأة يسحبون الستارة الشفيفة ثم يعيدون اختبار أشياء ليست في حاجة إلى اختبار.
الجمال الباهر هو شيء لم نتقاسمه سويا، وأنا غير سعيدة بذلك.
قلت لها: «والدك ربما يكون هنا حالا، لقد قال الأسبوع الماضي أنه سوف يأتي.»
لم تقل «ياسمين» شيئا. فقط ارتجف جفن عينها اليسرى، أو هكذا خيل إلي.
مر شهران منذ وقعت تلك الحادثة فوق قارب الصيد الخاص بأبيها. منذ سقوطها إلى البحر ، لتغور في عمق الماء، ثم تتشابك أطرافها في خيوط الشبك. مر وقت قبل أن يكتشف الأمر أحد، ثم بدأ الذعر والفزع. سحبها أبوها إلى متن القارب، ثم أبحر صوب القرية. حين وصل أخيرا، حمل إلى الشاطئ ما كان يظنه جثمان ابنته. - «ياسمين!» أهمس. أريدها أن تلتقط اسمينا مثل طعم السمكة. أريدها أن تبتلعه.
لحسن الطالع جاء طبيب شاب إلى قريتهم ذلك الصباح، ليزور أقارب له بالجوار. كان هو من استعاد الفتاة الغريقة من حافة الموت، هو من أخبرني بقصتها: «فتحت عينيها، نظرت إلى أبيها وقالت كلمة واحدة، ثم غرقت من جديد، في الغيبوبة هذه المرة.» «باراكودا.» هذا ما قالته «ياسمين».
حين يزورها أبوها، يمسح على شعرها، يقبل وجنتها، ثم يجلس على المقعد البلاستيكي برتقالي اللون جوار سريرها، آخذا كفها بين راحتيه. مثلما أبي، لديه الكف ذاتها، البنية الضخمة التي خشنتها الحياة، كف صياد. هو أيضا تفوح منه رائحة البحر، يتظاهر بأنه رجل بسيط وطيب! «ياسمين.» نشترك في أشياء كثيرة، نحن تقريبا كيان واحد.
أتذكر تلك الصباحات الباكرة، شعري يمس كي أستيقظ، يرفعني أبي من سريري نصف نائمة، يحملني بين ذراعيه، ثم يلقيني فوق قاربه.
صوته خشن في أذني، يداه خشنتان فوق جلدي، لم أرغب في الذهاب أبدا، لكنني كنت مجرد طفلة، وكان يفعل ما يريد.
صفحة غير معروفة