الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها
محقق
د حسام البهنساوي، أستاذ علم اللغة المساعد جامعة القاهرة - كلية الدراسات العربية والإسلامية بالفيوم
الناشر
مكتبة زهراء الشرق
مكان النشر
القاهرة
الشَّرَابِ وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ أَصَابَهُ مِثْلُهُ فِي النَّبِيذِ فَيُقَالُ بِهِ خُمَارٌ وَلَا يُقَالُ بِهِ نُبَاذٌ فإنَّ الْخُمَارَ اسْمٌ قديم وكانت الجاهلية تعرف وَتَلْفِظُ بِهِ مِنَ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذُ مُحْدَثٌ إِسْلَامِيٌّ لَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَعْرِفُهُ وَكَانَ شَرَبَةُ النَّبِيذِ مِنَ السَّلَفِ لَا يَبْلُغُونَ السكر ولا يقاربهم فَيُصِيبُهُمْ عَلَيْهِ مَا كَانَ يُصِيبُ شَرَبَةَ الْخَمْرِ مِنَ الْخُمَارِ وَإِنَّمَا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ الْيَسِيرَ عَلَى الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلَفٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَلَمْ يَتَهَيَّبُوا مِنَ الْمُسْكِرِ السُّكْرَ فَقِيلَ بِهِمْ خُمَارٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الِاسْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ أَحَلَّ النَّبِيذَ أَحَلَّ مِنْهُ السُّكْرَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْخُمَارُ وَكَانَ شَرَبَةُ النَّبِيذِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ سَكِرُوا فَأَصَابَهُمْ ذلك للزمنا أنَّ يقال نباذا وَلَا يُقَالُ فَيَجِبُ مَا ذَهَبُوا إليه.
وقد فَرَّقَتِ الشُّعَرَاءُ بَيْنَ النَّبِيذِ وَالْخَمْرِ قال الْأُقَيْشِرُ وَكَانَ مُغْرَمًا بِالشَّرَابِ:
وَصَهْبَاءَ جُرْجَانِيَّةٍ لَمْ يَطُفْ بِهَا ... حَنِيفٌ وَلَمْ تَنْغَرْ بِهَا سَاعَةً قِدْرُ
أتاني بها يحي وقد نمت نومة ... وقد غادرت الشِّعْرَى وَقَدْ خَفَقَ النَّسْرُ
فَقُلْتُ اصْطَبِحْهَا أَوْ لِغَيْرِي فَاهْدِهَا ... فَمَا أنا بعد السيب ويبك والخمر
1 / 183