الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها
محقق
د حسام البهنساوي، أستاذ علم اللغة المساعد جامعة القاهرة - كلية الدراسات العربية والإسلامية بالفيوم
الناشر
مكتبة زهراء الشرق
مكان النشر
القاهرة
دَعِ النَّبِيذَ تَكُنْ عَدْلًا وَإِنْ كَثُرَتْ ... فِيكَ الْعُيُوبُ وَقُلْ مَا شِئْتَ يُحْتَمَلُ
هُوَ الْمُشِيدُ بِأَسْرَارِ الرِّجَالِ فَمَا ... يَخْفَى عَلَى النَّاسِ مَا قَالُوا وَمَا فَعَلُوا
كَمْ زلة من كريم ظل يسبرها ... مِنْ دُونِهَا سُتُرُ الْأَبْوَابِ وَالْكِلَلُ
أَضْحَتْ كَنَارٍ عَلَى عَلْيَاءَ مُوقَدَةٍ ... مَا يَسْتَسِرُّ لَهَا سَهْلٌ وَلَا جبل
والعقل عقل مَصُونٌ لَوْ يُبَاعُ لَقَدْ ... أَلْفَيْتَ بُيَّاعَهُ يُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا
فَاعْجَبْ لقوم مناهم في قعولهم ... أن يذهبوا بِعَلٍّ بَعْدَهُ نَهَلُ
قَدْ عُقِّدَتْ لخمار السكر ألسنتهم ... عَنِ الصَّوَابِ وَلَمْ يُصْبِحْ بِهَا علل
وأزورت بسنات النوم أعينهم ... كأن أجداقها حُولٌ وَمَا حَوِلُوا
تَخَالُ رَائِحَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَدْوَتِهِ ... حُبْلَى أَضَرَّ بِهَا فِي مَشْيِهَا الْحَبَلُ
فإنَّ تَكَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ بِحَاجَتِهِ ... وَإِنْ مشى مَجْنُونٌ بِهِ خَبَلُ
قَالُوا وَإِنَّمَا قيل لمشارب الرجال نَدِيمُهُ مِنَ النَّدَامَةِ لِأَنَّ مُعَاقِرُ الكأس إذا سكر بِمَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ وَفَعَلَ مَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِمَنْ شَارَبَهُ نادما لِأَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ وَالْمُفَاعَلَةُ تَكُونُ مِنَ اثْنَيْنِ كَمَا تَقُولُ ضَارَبَهُ وَشَاتَمَهُ ثُمَّ اشْتُقَّ مِنْ ذَلِكَ نَدِيمٌ كَمَا يُقَالُ جَالَسَهُ وَهُوَ جَلِيسٌ وَقَاعَدَهُ فَهُوَ قَعِيدٌ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ رَسُولِ الله ﵌ فِي وَصْفِ الْجَنَّةِ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى وَأَنْهَارٌ مِنْ كَأْسٍ مَا بِهَا صُدَاعٌ وَلَا ندامة.
1 / 149