الإشراف تأليف الإمام الشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان ابن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي (336 - 413 ه‍)

صفحة ١

بسم الله الرحمن الرحيم يمثل هذا لكتاب من تأليف الشيخ المفيد (الرسالة العملية) في بدايات نشوئها، كتبه الشيخ المفيد لعمل من يلتزم بفتواه، والدليل الواضح على ذلك:

خلو الكتاب عن أي شئ من الاستدلال، ولا ذكر الخلاف الواقع بين الفقهاء داخل المذهب أو خارجه (1) مما لا يكون له مبرر سوى هذا الفرض بالخصوص.

وقد تداولت الرسائل العملية - بالمعني الذي نفهمه اليوم - منذ نهايات الغيبة الصغرى، وفي عهد (تحديد النصوص) بالضبط، عندما انقطعت الصلة بورود مزيد من النصوص من مصدر التشريع، وهو خاتم الأوصياء الإمام المهدي المنتظر سلام الله عليه.

ويظهر من المحقق الحلي (2) أنه اعتبر أصحاب الفتاوى القدماء هم:

صفحة ٣

1 - علي بن الحسين بن موسى، ابن بابويه، أبو الحسن القمي (ت 329) وهو صاحب (الرسالة إلى ولده الصدوق) ليعمل بها (3).

2 - محمد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي، صاحب كتاب (الأحمدي في الفقه المحمدي) الذي هو مختصر من كتابه الكبير الضخم المسمى (تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة).

3 - الحسن بن أبي عقيل العماني صاحب (المتمسك بحبل آل الرسول) الذي قال عنه النجاشي: (كتاب مشهور في الطائفة وقل ما ورد الحاج من خراسان إلا طلب واشترى منه نسخا).

ثم إن وجود الرسالة العملية للشيخ المفيد دليل على كونه مرجعا عاما ترجع الطائفة إليه في أمر الأحكام الشرعية وأخذ الفتاوى منه، كما يدل على ذلك أيضا طلب بعض الأمراء تأليف كتاب (المقنعة) في الفقه، وهي كذلك على هذا الأسلوب.

والميزة الجامعة لهذه الكتب، أو الرسائل العملية، أنها كتبت لتحتوي على (مجرد الفتاوى) أي: الفتاوى فقط، مجردة عن أي استدلال واحتجاج، وحتى خالية عن ذكر النصوص والاستشهاد بها، إلا نادرا في بعض السنن والنوافل، وقد جاء التصريح بهذه المزية في عنوان (النهاية في مجرد فتاوى) التي ألفها الشيخ الطوسي، جامعا لفتاواه فقط.

أما المميز لمؤلفات المفيد رحمه الله، فهو: أن ما كتبه - بالرغم من قدمه، لا يختلف من حيث المحتوى عن ما ألفه المتأخرون عنه سوى في بعض المنهج

صفحة ٤

والترتيب بما تختلف به بداية كل محاولة عن نهاياتها.

ويمتاز (الإشراف) بسهولة العبارة وبساطتها، بحيث نجد بعض عباراتها لا تزال مستعملة في الرسائل العملية المتأخرة عنه بعدة قرون مثل قوله في الباب الأول: باب فرض الوضوء: (غسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن مما دارت عليه الإبهام والوسطى).

وهذه النسخة تحتوي على قسم العبادات، وإلى نهاية كتاب الحج، فقط.

والكتاب يعتبر جامعا لفتاوى المفيد في مرحلة من عصره فهو يوضح لنا معالم من مدرسته الفقهية التي تعتبر - بحق - رائدة الثقافة الفقهية عند الشيعة في المرحلة المتكاملة.

كما يعطينا الكتاب ملامح واضحة عن أسلوبه الفقهي، مثلا: نجد في الكتاب التعبير بالفرض والسنة الاستحباب، عند تقسيمه للأغسال، في الباب الخامس.

ونجده يعبر ب‍ (الحدود الكبار) عن ما نسميه نحن بأركان الصلاة، ويعبر ب‍ (الحدود الصغار) عن سائر واجبات الصلاة غير الأركان.

وكتاب (الإشراف) قبل كل شئ، واحد مما يجب إحياؤه باعتباره من ذخائر تراثنا الغالي.

ونحمد الله محلى توفيقه، ونسأله الرضا عنا بفضله وإحسانه وأن يتقبل منا بكرمه وجلاله، إنه ذو الجلال والإكرام.

وكتب السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

صفحة ٥

الصفحة الأولى من النسخة (أ)

صفحة ٦