• نظرة تاريخية في نشأة القواعد الفقهية (١):
امتن علينا الله ﷿ ببعثة محمد ﷺ، وخصه بخصائص منها أنه أوتي جوامع العلم، وجوامع الكلم، فيتكلم النبي ﷺ بالكلام القليل الذي يكون له معان عديدة، ويتضمن أحكامًا كثيرة.
وإذا تأمل الناظر في آثار النبي ﷺ وجد فيها من ذلك الشيء الكثير، ومثال ذلك قوله ﵇: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وهذا الحديث جزؤه الأخير: "اليمين على من أنكر" في "الصحيحين"، وفي جزئه الأول "البينة على المدعي" كلام من بعض أهل الحديث في أسانيده، إلا أنه عند جمع أسانيده والنظر في معناه نجده ثابتًا في الشريعة.
ومثله قوله ﵇: "الخراج بالضمان"، وقوله: "لا ضرر ولا ضرار" فإن الشريعة قد دلت على معاني هذه الآثار بعموم أدلتها الأخرى، وفهم مقاصدها الحكيمة.
فالمقصود أن المتأمل في سنة النبي ﷺ يجد أن هناك عددًا من الأحاديث النبوية قد وردت بألفاظ جامعة موجزة، ولكنها دلت على معانٍ عديدة، وصدقت على فروع شتى، وقد يكون ذلك متعلقًا بباب واحد، أو متشعبًا في عدة أبواب، وهذا يدلنا على مبدأ قواعد الفقه.
_________
(١) انظر: "شرح منظومة القواعد الفقهية" (ص: ٣ - ٧)، "شرح القواعد الفقهية" للزرقا (ص: ٣٦)، "القواعد الفقهية" للندوي (ص: ٩٠ - ١٥٨)، "موسوعة القواعد الفقهية" للبورنو (١/ ٥٠)، "القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة" للزحيلي (ص: ١٩)، "القواعد الفقهية الكبرى" للسدلان (ص: ٢٣)، "القواعد الفقهية" للجزائري (ص: ١٧٣ - ١٨٨)، "القواعد الفقهية" للخليفي (ص: ٦).
1 / 42