من خلال هذه الفروق يتضح الفرق بين القاعدة والضابط، فالقاعدة تجمع جزئيات كثيرة من أبواب شتى، أما الضابط فهو يجمعها من باب واحد، فالقاعدة أعم وأوسع، والضابط أخصُّ وأضيق.
أما بخصوص بعض المتأخرين فقد يطلقون القاعدة ويريدون بها الضابط، وهو اصطلاح شائع متداول عند كثير من الفقهاء.
فهذا الإمام ابن رجب الحنبلي لم يكن يفرق بينهما في كتابه "تقرير القواعد وتحرير الفوائد" فنراه يطلق لفظ "القاعدة" على ما يصدق عليه "الضابط" فيقول مثلًا: "القاعدة الأولى: الماء الجاري هل هو كالراكد، أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد" (١).
ويقول: "القاعدة الخامسة والخمسون: من ثبت له حق التملك بفسخ أو عقد، هل يكون تصرفه تملكًا أم لا؟ وهل ينفذ تصرفه أم لا؟ " (٢).
ويقول: "القاعدة الثالثة والعشرون بعد المائة: ويُخص العموم بالشرع أيضًا على الصحيح" (٣).
والإمام تاج الدين السبكي -كما سبق- قسم القواعد في "الأشباه والنظائر" إلى قواعد عامة، وقواعد خاصة، وكان مقصده من هذه الأخيرة: "الضوابط" فيقول مثلًا: "قاعدة: كل ميتة نجسة إلا السمك والجراد" (٤) وهو ضابط لا قاعدة كما ذكرنا.
_________
(١) "قواعد ابن رجب" (١/ ٥).
(٢) "قواعد ابن رجب" (١/ ٤٢٥).
(٣) السابق (٢/ ٥٧١).
(٤) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (١/ ٢٠٠).
1 / 35