• مكانته العلمية:
كان لابن الملقن وزن راسخ بين أقرانه وعلماء عصره، فدرس وأفتى، وبرع في العلوم الشرعية، واشتهر اسمه وطار صيته، وصنف التصانيف الكثيرة في أنواع العلوم، واشتهرت في حياته، ونقلت إلى البلاد، ورغب الناس فيها لكثرة فوائدها وبسطها وجودة ترتيبها، وكانت براعته في التصنيف تفوق براعته في الإلقاء والاستحضار (١).
قال ابن حجر: "واعتنى بالتصنيف، فشرح كثيرًا من الكتب المشهورة: كالمنهاج، والتنبيه، والحاوي، فله على كل واحد منها عدة تصانيف، يشرح الكتاب شرحًا كبيرًا ووسطًا وصغيرًا، ويُفْرِدُ لغاته وأدلته وتصحيحه ونحو ذلك".
وقال ابن قاضي شهبة: "صنف في كل فن، فشرح الألفية في العربية، ومنهاج البيضاوي، ومختصر ابن الحاجب، وعمل الأشباه والنظائر، وجمع في الفقه كتابًا سماه "الكافي" أكثر فيه من النقول الغربية".
وكان مغرمًا بحفظ الأجزاء الحديثية حتى قيل إنه ذكر مرة أنه سمع ألف جزء حديثية.
ومن العجائب التي نُقلت لنا في ترجمة ابن الملقن أن المشايخ الثلاثة: هو والبلقيني والعراقي كانوا أعجوبة هذا العصر على رأس القرن: الشيخ البلقيني في التوسع في معرفة مذهب الشافعي، وابن الملقن في كثرة التصانيف، العراقي في معرفة الحديث وفنونه، وكل من الثلاثة ولد قبل الآخر بسنة ومات قبله بسنة.
_________
(١) قلت: والله قد فضل بعض الناس على بعض في الرزق، فمنهم من فضله الله بحسن الاستحضار للمسائل والاستجماع لجوانبها، ومنهم من رزقه حسن التأليف والتصنيف، والكلُّ بشرط الإخلاص مأجور مبرور بإذن الله.
1 / 11