أما فَوْضى الوسائط المعروفة في الدنيا فهذا مبني على أصل فاسد وفهم فاسد حيث أن الشفاعة المثبتة في الآخرة تختلف اختلافًا كليًا عن وسائط الدنيا. فالواسطة في الدنيا يتوسط ولوْ لم يأذن له المشفوع عنده كما أن المشفوع عنده في الدنيا يجيب شفاعة الواسطة لأنه يخافه ويرجوه ويستعين به ويستظهر وإن كان في صورة ملك ونحوه فهو يحتاج إلى الأعوان والأنصار ويتضرر بعدم إجابته شفاعتهم.
والرب ﷾ بخلاف هذا كله. وإنما هو يُكْرم الشافع بأن يجعله يشفع. ولا يشفع الشافع إلا بمن يريد الرب أن يرحمه فليست الشفاعة مُلكًا لأحد بل (لله الشفاعة جميعًا) وهو الذي يُعَيِّن المشفوع فيه للشافع.
ليس الشافع يتقدم بين يدي الجليل سبحانه مهما كانت منزلته فَسَيّد الشفعاء وأكرمهم عند ربه وأعظمهم جاهًا وأقربهم منزلة محمد ﷺ يُحَدّ له حدًا يشفع فيهم. وهذه كلها فروق بين شفاعة الدنيا وشفاعة الآخرة.