ولا إشارة ولو خفيفة إلى ما يخبئه الغيب.
وها هم قد رحلوا جميعا فلم يبق منهم أحد.
فمن يستطيع أن يثبت أن السعادة كانت واقعا حيا، لا حلما ولا وهما؟
العدل
ذهبت إلى محام معروف بلا تردد. ما أجمل صراحته حين قال لي: أنت صاحب حق، ولكن خصمك أيضا صاحب حق!
فقلت له: عرضت عليه أن نحتكم إلى شخص يكون موضع ثقتنا معا. - هيهات أن يوجد هذا الشخص في زماننا. - لدي خطابات مسجلة ستعرف منها المحكمة حسن نيتي. - قد يطعن فيها بالتزوير. - الحق أني بريء مائة في المائة. - لا يوجد إنسان بريء مائة في المائة. - ليس الأمر بالمستحيل. - ألم تهدده في لحظة غضب بالقتل؟ - هو نفسه لم يأخذ كلامي مأخذ الجد. - بل قام باحتياطات كثيرة، وزار الأضرحة ونذر النذور.
فهتفت ضاحكا: هذا هو الجنون! - عليك أن تثبت أنه مجنون، خاصة أن محاميه سيحاول من ناحيته أن يثبت جنونك.
فأغرقت في الضحك حتى قال المحامي: لا يوجد ما يدعو إلى الضحك. - اتهامي بالجنون مثير للضحك. - بل إنه يدعو للأسى. - لماذا يا سيدي؟ - الجنون يدعو للأسى. - طالما أني عاقل فلا أهمية للاتهام. - ولكن عدم الاهتمام قد يعني الجنون نفسه.
فسألته بذهول: هل يداخلك شك في عقلي؟ - بل إني على يقين. اختلافكما المزمن يدل على جنونكما معا. - لكنك أبديت استعدادا طيبا للدفاع عني؟ - إنه واجبي!
وتنهد المحامي من أعماقه وواصل: ولا تنس أنني مجنون مثلكما ...
صفحة غير معروفة