(1) أدونيس وعشتروت
المقدمة
لم يكن أدونيس وعشتروت إلهين فينيقيين حسب، وإنما كانت عبادتهما مزدهرة في كل الأصقاع التي أثر فيها الفكر الفينيقي والمدنية الفينيقية، ويعتقد المستشرق ج. فرايزر في كتابه «أدونيس» أن عبادة هذا الإله نشأت عند الشمريين، ثم انتقلت إلى بابل فإلى فينيقية في القرن السابع قبل المسيح.
واسم أدونيس الأصلي «تموز»، ومعناه في اللغة الشمرية: «الابن الحقيقي للماء العميق»، أما لفظة «أدونيس أو أدون» فسامية معناها «سيدي» كانوا يلقبون بها «تموز» احتراما له، فجعلها اليونانيون علما لهذا الإله، وتناسوا اسمه الأصلي.
ويزعم القبرسيون القدماء أن أدونيس هو ابن ملكهم سينيراس، وهذا الملك هو الذي وضع شريعة الزناء المقدس في معبد أدونيس وفينوس، في جزيرة بافوس، الواقعة من قبرس في جنوبها الشرقي، وقد تولى أدونيس الملك بعد أبيه، وليس اسمه إلا لقبا حمله كل أبناء الملوك الفينيقيين في جزيرة قبرس.
وأدونيس هو أحد الآلهة الذين رمزوا إلى القوات المنتجة في الطبيعة، وقد اعتبروه روح الحقل، ويوائم موته وبعثه تبدل الفصول أو تواري الحياة النباتية في الشتاء وظهورها في الربيع، ومغزى خرافته هو الكفاح بين قوات الحياة وقوات الموت، بين العالم الأرضي وعالم تحت الأرض، حتى إنهم زعموا أن سيطرة الحب تقف في أثناء غياب أدونيس في الجحيم، فينقطع البشر والحيوانات عن إنتاج الجنس، وتهدد الحياة كلها بالفناء.
أما عشتروت فإلهة أشركها عبادها في كل الأعمال الجنسية في المملكة الحيوانية، فهي المولدة لكل شيء والممثلة لقوة توليد الطبيعة، وليست عشتروت إلا عشتار البابلية وأفروديت اليونانية وفينوس الرومانية والزهرة العربية، فأسطورة أدونيس إذا شمرية بابلية فينيقية قبرسية يونانية رومانية، وقد استلهمها الشعراء منذ الزمان القديم وتغنوا بها وتفننوا في تلوين صورها ما شاء لهم خيالهم.
المعجم
الشمريون:
شعب كان في فجر التاريخ ينزل في السهول المنبسطة بين دجلة والفرات قرب الخليج الفارسي، وقد أصيبت بلادهم قبل المسيح بثلاثة آلاف سنة بطوفان عرف في التاريخ بالطوفان الشمري، فاجتاحها وهدم مدنها التي كانت في ملء ازدهارها، ولكنها لم تلبث أن عادت إليها الحياة، وانبعثت مدنها وفيها «نيبور» المدينة المقدسة، ثم أخذت تطغى عليها رمال البحر، فكافحت طغيانها فلم تستطع ردها، حتى تلاشت نفسا في نفس، وبادت مدنيتها ونشأت على أنقاضها المدنية البابلية.
صفحة غير معروفة