الوحي يأتيني به جبريل فيلقيه عليّ كما يلقي الرجل على الرجل فذاك ينفلت منّي، ويأتيني في بيتي مثل صوت الجرس، حتى يخالط قلبي فذاك الذي لا ينفلت مني" (١) .
وهذا الملك تارة يراه النبي ﷺ فيكون رسولًا مُشاهَدًا تُرى ذاتُهُ ويُسْمَعُ كلامُهُ، وتارة لا يراه:
١- ففي حالة رؤية النبي ﷺ ملك الوحي وهو يلقي عليه الوحي:
أ- قد يراه على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها، وله ستمائة جناح، وهذا نادر، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة مرفوعًا: "لم أرَه - يعني جبريل - على صورته التي خلق عليها إلا مرتين" (٢)، وحدّدت السيدة عائشة ﵂ هاتين المرّتين بقولها: "مرّة عند سدرة المنتهى، ومرّة عند أجياد".
يقول النبي ﷺ: "جاورت في حراء فلمّا قضيت جواري هبطت فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي، فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض" (٣)، وفي رواية: "على كرسيّ بين السماء والأرض وقد سدّ الأفق".
ب- وقد يراه متمثّلًا في صورة بشر في شكل أعرابيّ أو غيره، وكثيرًا ما كان يتقمّص صورة دحية الكلبي الصحابي الجليل الوسيم ﵁.
٢- وفي حالة عدم رؤية النبيّ ﷺ الملك وهو يوحي إليه ويبلّغه كلام
(١) فتح الباري ١/٢٧. (٢) فتح الباري ١/٣٢. (٣) البخاري - التفسير - باب وربّك فكبّر - فتح الباري ٨/٥٤٧ الحديث رقم ٤٩٢٤ و٨/٥٨٦ الحديث رقم ٤٩٢٥ - وانظر بدء الوحي فتح الباري ١/٣٧ الحديث رقم ٤.
1 / 8