مظلوم
في الليل
أرخص ليالي
أرخص ليالي
تأليف
يوسف إدريس
أرخص ليالي
بعد صلاة العشاء كانت خراطيم من الشتائم تتدفق بغزارة من فم عبد الكريم، فتصيب آباء القرية وأمهاتها، وتأخذ في طريقها الطنطاوي وأجداده.
والحكاية أن عبد الكريم ما كان يخطف الأربع ركعات حتى تسلل من الجامع، ومضى في الزقاق الضيق، وقد لف يده وراء ظهره، وجعلها تطبق على شقيقتها في ضيق وتبرم، وأحنى صدره في تزمت شديد، وكأن أكتافه تنوء بحمل «البشت» الثقيل الذي غزله بيده من صوف النعجة.
ولم يكتف بهذا، بل طوى رقبته في عناد وراح يشمشم بأنفه المقوس الطويل الذي كله حفر سوداء صغيرة، ويزوم، وقد أطبق فمه، فانكمش جلد وجهه النحاسي الأصفر، ووازت أطراف شاربه قمم حواجبه التي كانت ما تزال مبللة بماء الوضوء.
صفحة غير معروفة