وجميعهم حدوا النفس بثلاثة أشياء: بحركة، وحس، وأنها ليست بجسم. وكل واحد من هذه الثلاثة يرفع إلى الأوائل. ومن أجل الذين حددوها بالمعرفة جعلوها: إما عنصر، وإما من العناصر. فقارب بعضهم بعضا بالقول ما خلا واحدا منهم، فانه زعم أن المثل يعرف بالمثل؛ فلما كانت النفس عارفة بجميع الأشياء، أثبتوا أنها من جميع الأوائل. — والذين زعموا أن العلة واحدة والعنصر واحد أثبتوا أن النفس شىء واحد: إما نار، وإما هواء. والذين قالوا إن الأوائل كثيرة جعلوا الأنفس هى أيضا كثيرة — إلا أنكساغورس وحده فانه زعم أن العقل لا يألم، وليس تشترك سائر الأشياء فى شىء من حالاته ولم يقل، بعد أن وصفه بهذه الصفة، كيف يعرف الأمور ولأية علة صار عالما بالأشياء، ولا اتضح لنا هذا مما قاله فيه. — والذين جعلوا فى الأوائل تضادا قالوا إن النفس من أشياء متضادة. والذى قال منهم بأحد الأضداد: إما بحرارة، وإما ببرودة، أو بغير ذلك مما أشبهها أجرى كلامه على هذا المجرى: إذ أن النفس واحد منها. واتبعوا الأسماء فى تأويل معانيها: فقال الذين سموا النفس شيئا حارا إنها سميت بهذا من أجل أن الحياة والحركة من الحرارة، وعلى هذا دل اسم الحياة 〈ζῆν〉 باليونانية؛ والذين سموا النفس شيئا باردا زعموا أنها إنما سميت بهذا الاسم من أجل أن التنسم والتنفس إنما يكون بالبرودة، وتفسير اسم النفس 〈ψυχή〉 باليونانية: الشىء المبرد.
وهذا ما قال القائلون فى النفس مما أدى إلينا عنهم، وما أثبتوا من لعلل فيها.
[chapter 3: I 3] 〈نقد نظرية النفس الحركة نفسها〉
فهلم فلننظر فى حركة النفس أولا. فعسى أن يكون قول القائل فى أن جوهرها محرك نفسه أو محرك غيره كذبا، وليس كذبا فقط بل عمى أن لا يمكن أن تكون لها حركة.
صفحة ١٣