وهى ثلاثة: أحدها الفاعل المحرك، والثانى هو الشىء الذى به يفعل المحرك، وثالثها المتحرك المفعول به. فالحركة على جهتين: أحدهما لا يتحرك فى نفسه، والآخر متحرك منتقل — والخير المعمول به هو الذى لا يتحرك فى نفسه، والمشتاق إليه هو المحرك الفاعل، والمحرك المفعول به، (فالحيوان من أجل جهة الاشتياق متحرك، والشوق ضرب من الحركة ومن الفعل). وآلة الشوق التى بها يحرك الحيوان آلة جسمانية. ومن أجل أنها أجسام فسننظر فيها إذا تكلمنا فى الأعمال التى تجمع حالتى ذى النفس من نفسه وجسده. فأما الآن فإنا نختصر فنقول بايجاز إن المحرك كآلة هو الذى بحال واحدة من بدئه ونهايته، مثل الذى يسمى باليونانية جنجلموس فان فيه أحد وثنية: فأحد هذين نهايته، والآخر بدؤه؛ ولذلك كان أحدهما ساكنا والآخر متحركا، فهما بالمعنى مفترقان، وليسا مفترقين بالجسم. وكل إنما يتحرك إما بدفع، وإما بجذب. وكذلك ينبغى أن يكون شىء ثابت كالذى نراه فى الفلك، فيكون فيه 〈سكون〉 الحركة منه.
فالحيوان كما قيل شهوانى فى الجملة، ومن هذه صار محركا بغير توهم. وكل توهم إما كان فكريا أو حواسيا. وسائر الحيوان ذو توهم.
[chapter 28: III 11] 〈علة الحركة فى الكائنات الحية — تابع〉
فلننظر فى الباقى منه الذى ليس له حس ما خلا حس اللمس. وما المحرك له؟ وهل يمكن أن يكون لمثله توهم وشهوة أم لا يمكن؟ قد نرى فى الظاهر أن اللذة والكراهة موجودتان فيه. وإذا كانت هاتان موجودتين، كانت فيه الشهوة باضطرار. فأما التوهم — كيف يكون فيه؟ لا تقدر حركة الذى يتحرك على غير عماد.
فالتوهم الحواسى، كالذى قيل، موجود فى سائر الحيوان. وأما التوهم الذى يكون على الروية فإنما هو الذى النطق، فان الاختيار من فعل الفكر: فاما عمل بهذا، وإما بهذا. وهو مضطر فى المثل إلى أحد الأمرين، وإنما عنى الأعظم إلى أن يفعل شيئا واحدا عن توهم كثير. وعلة ذلك أنه ليس له العزم الكائن عن القياس؛ لذلك لم يكن للشوق روية، فربما غلبت الشهوة للروية التى لا روية فيها. وإنما غلبت هذه تلك، فتكون حالها شبيهة بدون تلك، إذا كانت حال النفس حال تهتك فى رداءة مزاج (ففى الطباع المستظهر من الشوق هو أرأس وأملك). ومن أجل هذا يجب أن تكون مذاهب ثلاثة عند تحركه.
صفحة ٨٤