عمارة القبور في الإسلام - المبيضة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
يصلح لها كل قبر، فلا معنى لتخصيص بعض القبور حتى يحتاج إلى البناء عليها للتظليل.
وإن أريد أن صاحب القبر يشفع لهم إذا فعلوا ما يرضيه، فهو ميت لا يرضيه إلا ما ينفعه عند الله، والذي ينفعه عند الله هو الدعاء له بشرطه.
وقد مر أن الله ﷿ إن أراد أن يبلغه ثواب دعائهم بلغه أينما كان، وإن أريد أنه يحتاج إلى أن يُسأل، فإنهم يزعمون أنه يبلغ، بل يسمع سؤالهم ولو كان بعيدًا.
وعلى كل حال، فهذه مجاراة لهم على باطلهم، وإلا قد بيَّن الإسلام أن النفع والضر بيد الله ﷿، وأنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته، ولا يُطاع الله إلا بما شرع، ولا يعلم ما شرع إلا بكتابه وسنة رسوله ﵌.
وإن فرض أنه حصل لأحدٍ من الناس نفع بشيءٍ من هذه المنهيات، فإنه لا يدل على جوازه، ألا ترى إلى السحر ينتفع به صاحبه، وهو كفر؟
وقد يستدرج الله ﷿ بعض عباده إذا أصرّ على الإعراض عن الحق، فاستوجب الخذلان، قال ﷾: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤].
وقال جل ذكره: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ
5 أ / 124