فثبت أن قوله (كونوا مع الصادقين) ليس أمرا بالكون مع شخص معين، ولما بطل هذا بقي أن المراد منه الكون مع جميع الأمة، وذلك يدل على أن قول مجموع الأمة حق وصواب، ولا نعني بقولنا الاجماع حجة الا ذلك (1). انتهى كلامه.
أقول: العجب من قول هذا الناصب كيف يقرب من الحق تارة، ويبعد عنه بمراحل أخرى، فالحمد لله الذي أجرى على لسانه في أثناء كلامه ما يكفينا في ابرام منقوضه ونقض ابرامه (2). ولنشير (3) إلى ما في كلامه من الخلل الفاضح والتهافت الواضح.
فنقول: ان كلامه هذا فاسد الاعتبار ناقص العيار.
أما أولا، فلأنه قد اعترف بأنه سبحانه إنما أمر بذلك لحفظ الأمة عن الخطأ في كل زمان، ومن المعلوم أن الاجماع متعذر أو متعسر الحصول في أكثر الأعصار، مع انتشار علماء الاسلام في الأمصار، والاطلاع عليه أصعب، كما بيناه في أوائل رسالة الجمعة، وليس له أن يقول المتمسك إنما هو الاجماع في الأعصار الماضية، لأن ذلك مما لا يتيسر الاطلاع عليه غالبا.
وأيضا فقد اعترف بأنه لابد من معصوم في كل زمان، الا أنه ادعى أن ذلك المعصوم هو مجموع الأمة.
وأما ثانيا، فلأن الاجماع على تقدير تسليم تحققه وامكان العلم به في تلك (4)
صفحة ٦٤