الظاهر من غير دليل.
قوله (هذا الأمر مختص بزمان الرسول) قلنا: هذا باطل لوجوه:
الأول: أنه ثبت بالتواتر الظاهر من دين محمد (صلى الله عليه وآله) أن التكاليف المذكورة في القرآن متوجهة على المكلفين إلى قيام القيامة، فكان الأمر في هذا التكليف كذلك.
والثاني: أن الصيغة تتناول الأوقات كلها، بدليل صحة الاستثناء.
والثالث: لما لم يكن الوقت المعين مذكورا في لفظ الآية، لم يكن حمل الآية على البعض أولى من حملها على الباقي، فإما أن لا يحمل على شئ من الأوقات، فيفضي إلى التعطيل وهو باطل، أو على الكل وهو المطلوب.
والرابع: أن قوله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) أمر لهم بالتقوى، وهذا الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقيا، وإنما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتديا بمن كان واجب العصمة، وهم الذين حكم الله بكونهم صادقين.
وترتب الحكم في هذا يدل على أنه إنما وجب على جائز الخطأ كونه مقتديا به، ليكون مانعا لجائز الخطأ عن الخطأ، وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان، فوجب حصوله في كل الأزمان.
قوله (لم لا يجوز أن يكون المراد هو كون المؤمن مع المعصوم الموجود في كل زمان؟) قلنا: نحن نعترف بأنه لابد من معصوم في كل زمان، الا أنا نقول: إن ذلك المعصوم هو مجموع الأمة، وأنتم تقولون: ان ذلك المعصوم واحد منهم.
فنقول: هذا الثاني باطل، لأنه تعالى أوجب على كل واحد من المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، وإنما يمكنه ذلك لو كان عالما بأن ذلك الصادق من هو؟ لأن الجاهل بأنه من هو، فلو كان مأمورا بالكون معه كان ذلك تكليف ما لا يطاق، لأنا لا نعلم انسانا معينا موصوفا بوصف العصمة والعلم بأنا لا نعلم هذا الانسان حاصل بالضرورة.
صفحة ٦٣